للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ١ قال رحمه الله:

"قد ذكرنا قريباً أن قوله: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلآ بِالْحَقِّ} ٢ يتضمن البرهان القاطع على صحة معنى "لا إله إلا الله"، وأن العلامة الفارقة بين المعبود بحق وبين غيره هي كونه خالقاً. وأول سورة الأحقاف هذه يزيد ذلك إيضاحاً؛ لأنه ذكر من صفات المعبود بحق أنه خلق السموات والأرض وما بينهما بالحقّ وذكر من المعبودات الأخرى التي عبادتها كفر مخلد في النار أنها لاتخلق شيئاً" ٣.

ولاشك أن هذا البرهان من أعظم البراهين الدالة على توحيد الألوهية؛ إذ كيف يستحق العبادة من يعجز عن الخلق، بل هو مخلوق مربوب مفتقر إلى ربه وخالقه. فمن يستحق العبادة خالق كل شيء وربه ومليكه، وهو الله رب العالمين، الإله المعبود وحده سبحانه وتعالى.

ثانياً: النافع الضار

النافع الضار من أسماء الله المزدوجة المتقابلة المقترنة التي لا يفرد أحدهما عن الآخر٤. وهي تدل على كمال الله سبحانه وتعالى، وحكمته البالغة؛ حيث ينفع من أطاعه بفعل الخيرات في الدنيا والإعانة عليها، وتكون سبباً لدخول الجنة. والضارّ لمن عصاه وابتعد عن هداه ومآله إلى النار.


١ سورة الأحقاف، الآية [٤] .
٢ سورة الأحقاف، الأية [٣] .
٣ أضواء البيان ٧/٣٧٢.
وقد ذكر الشيخ رحمه الله مضمون هذا المعنى في عدة مواضع من تفسيره أضواء البيان.
(انظر مثلاً: ٢/٤٨٢، ٣/٢١١، ٤/٣٠) .
٤ بدائع الفوائد ١/١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>