للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غمم لا تحذيف ونزعتان ويجب غسل شعره لا باطن كثيف خارج عنه ولحية وعارض وبعضها وتميز من رجل وغسل يديه بكل مرفق فإن قطع بعض يد وجب ما بقي أو من مرفقه فرأس عضده أو فوقه سن باقي عضده ومسح بعض بشر رأسه أو شعر في حده وله غسله وبله وغسل رجليه بكل كعب وترتيبه هكذا ولو انغمس محدث.

ــ

" وَ " ثَانِيهَا " غَسْلُ وَجْهِهِ " قَالَ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} ١ وَهُوَ طُولًا " مَا بَيْنَ مَنَابِتِ " شَعْرِ " رَأْسِهِ " أَيْ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَنْبُتَ فِيهَا شَعْرُهُ " وَتَحْتَ مُنْتَهَى لَحْيَيْهِ " بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ يَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى " وَ " عَرْضًا " مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ " لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ وَالْمُرَادُ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلَ الْعَيْنِ وَلَا يُسَنُّ وَزِدْتُ تَحْتَ لِيَدْخُلَ فِي الْوَجْهِ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ " فَمِنْهُ مَحَلُّ غَمَمٍ " وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِنَبَاتِهِ فِي غَيْرِ مَنْبِتِهِ كما لا عبرة بانحسار شعر الناصية " لَا " مَحَلُّ " تَحْذِيفٍ " بِمُعْجَمَةٍ وَهُوَ مَنْبِتُ الشَّعْرِ الخفيف بين ابتداء العذراء وَالنَّزَعَةِ يَعْتَادُ النِّسَاءُ وَالْأَشْرَافُ تَنْحِيَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ " وَ " لَا " نَزَعَتَانِ " بِفَتْحِ الزَّايِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّلَاثَةِ لِدُخُولِهَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ.

" وَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرِهِ " أَيْ الْوَجْهِ كَهُدْبٍ وَحَاجِبٍ وَسِبَالٍ وَعِذَارٍ وَهُوَ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ بَيْنَ الصُّدْغِ والعارض ظاهرا أو باطنا وَإِنْ كَثُفَ " لَا " غَسْلُ " بَاطِنِ كَثِيفِ خَارِجٍ عنه " ولو غير لِحْيَةٍ وَعَارِضٍ " وَ " لَا بَاطِنِ كَثِيفِ " لِحْيَةٍ " بِكَسْرِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا " وَعَارِضٍ " وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا عَنْ الْوَجْهِ " وَ " لَا بَاطِنِ كَثِيفِ " بَعْضِهَا " أَيْ الثَّلَاثِ " وَ " قَدْ " تَمَيَّزَ " عَنْ بَعْضِهَا الْآخَرِ إنْ كَانَتْ مِنْ رَجُلٍ فَلَا يَجِبُ لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَيَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ الْبَعْضُ الْكَثِيفُ عَنْ الْخَفِيفِ فَيَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي اللِّحْيَةِ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا وَإِنْ تَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ بَقِيَّةِ الشُّعُورِ الْكَثِيفَةِ لِنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبَةِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُوهِمُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَاللِّحْيَةُ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ وَهِيَ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَالْعَارِضُ مَا يَنْحَطُّ على الْقَدْرِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ وَذِكْرُهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالرِّجْلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ أَوَّلًا لِنُدْرَتِهَا وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ نَتْفُهَا أَوْ حَلْقُهَا لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ وَالْخَفِيفُ مَا تُرَى بَشَرَتُهُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَالْكَثِيفُ مَا يمنع رؤيتها فيه ولو خلق له وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا يُسَمَّى وَجْهًا وَفِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِ مَا يُسَمَّى رَأْسًا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا.

" وَ " ثَالِثُهَا " غَسْلُ يَدَيْهِ " من كفيه وذراعيه " بكر مِرْفَقٍ " بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ العكس لقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} ٢ وللاتباع رواه مسلم وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ " فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُ يَدٍ وَجَبَ " غَسْلُ " مَا بَقِيَ " مِنْهَا لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ " أو من مرفقيه " بأن غسل عَظْمُ الذِّرَاعِ وَبَقِيَ الْعَظْمَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ " فَرَأْسُ " عَظْمِ " عَضُدِهِ " يَجِبُ غَسْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ المرفق إذ لمرفق مَجْمُوعُ الْعِظَامِ الثَّلَاثِ " أَوْ " مِنْ " فَوْقِهِ سُنَّ " غَسْلُ " بَاقِي عَضُدِهِ " مُحَافَظَةً عَلَى التَّحْجِيلِ وَسَيَأْتِي وَلِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ.

" وَ " رَابِعُهَا " مَسْحُ بَعْضِ بَشَرِ رَأْسِهِ أَوْ " بَعْضِ " شَعْرٍ " وَلَوْ وَاحِدَةً أَوْ بَعْضَهَا " فِي حَدِّهِ " أَيْ الرَّأْسِ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ بِالْمَدِّ عَنْهُ مِنْ جهة نزوله فلو خرج به عند مِنْهَا لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَى الْخَارِجِ قَالَ تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} ٣ وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ لَا يُقَالُ لَوْ اكْتَفَى بِالْبَعْضِ لَاكْتَفَى بِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لِخَبَرِ: "الْأُذُنَانِ مِنْ الرأس" لِأَنَّا نُعَارِضُهُ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ لَوَجَبَ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ بِعَيْنِ مَا قُلْتُمْ فَإِنْ قُلْتَ صِيغَةُ الْأَمْرِ بِمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَاحِدَةٌ فَهَلَّا أَوْجَبْتُمْ التَّعْمِيمَ أَيْضًا قُلْتُ الْمَسْحُ ثَمَّ بَدَلٌ لِلضَّرُورَةِ وَهُنَا أَصْلٌ وَاحْتَرَزْنَا بِالضَّرُورَةِ عَنْ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ " وَلَهُ غَسْلُهُ " لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ " وَ " لَهُ " بَلُّهُ " كَوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِلَا مَدٍّ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ من وصول البلل إليه.


١ المائدة: ٦
٢ المائدة: ٦.
٣ المائدة: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>