للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب الإقرار]

أركانه مقر ومقر له وبه وصيغة وشرط فيها لفظ يشعر بالتزام كقوله لزيد علي أو عندي كذا وعلي أو في ذمتي للدين ومعي أو عندي للعين وجواب لي عليك ألف أو أليس لِي عَلَيْك أَلْفٌ بِبَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ نَحْوِهَا إقرار كَجَوَابِ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك بِنَعَمْ أو أقضي غدا أو أمهلني أو حتى أقعد أو أفتح الكيس أو أجد أو نحوها لا بِزِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجعله في كيسك أو أنا مقر به أو أقر به أو نحوها وفي المقر إطلاق تصرف واختيار فلا يصح من صبي ومجنون ومكره فإن ادعى بلوغا بإمناء ممكن صدق ولا يحلف أو بسن كلف بينة والسفيه والمفلس مر حكمهما وَقَبْلَ إقْرَارِ رَقِيقٍ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَبِدَيْنِ جِنَايَةٍ ويتعلق بذمته فقط إن لم.

ــ

كِتَابُ الْإِقْرَارِ

هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ ثَبَتَ وَشَرْعًا إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى اعْتِرَافًا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} ١ وَفُسِّرَتْ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: " اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فارجمها" وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ بِالْإِقْرَارِ فلأن نقبل الْإِقْرَارُ أَوْلَى.

" أَرْكَانُهُ " أَرْبَعَةٌ " مُقِرٌّ وَمُقَرٌّ لَهُ وَ " مُقَرٌّ " بِهِ وَصِيغَةٌ وَشَرْطٌ فِيهَا " أَيْ فِي الصِّيغَةِ " لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ " بِحَقٍّ وَفِي معناه ما مر في الضمان " كقوله لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَذَا " وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي مَا لَوْ حَذَفَهُ فَلَا يكون إقرار إلا إن كان المقر به معينا كهذا الثوب فيكون إقرار " وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ " لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِمَا سَيَأْتِي أنه يقبل التفسير في علي بالوديعة وَمِثْلُ عَلَيَّ قِبَلِي كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ " وَمَعِي أَوْ عِنْدِي لِلْعَيْنِ " فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَتَعْبِيرِي بِأَوْ فِي الموضعين أولى من تعبيره بالواو فيهما "وجواب لي عليك ألف أو أليس لِي عَلَيْك أَلْفٌ بِبَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صدقت أو أنا مقربه أو نحوها" كأبرأتني منه أو قبضه " إقْرَارٌ " لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ "كَجَوَابِ اقْضِ الألف لي عليك بنعم أو" بقوله " أقضي غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ " أَيْ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا " أَوْ نَحْوَهَا " كَابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ اُقْعُدْ حَتَّى تَأْخُذَهُ فإنه إقرار " لَا " جَوَابُ ذَلِكَ " بِزِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك أَوْ أنا مقر أو أقربه أَوْ نَحْوِهَا " كَهِيَ صِحَاحٌ أَوْ رُومِيَّةٌ فَلَيْسَ إقْرَارًا بِالْأَلْفِ بَلْ مَا عَدَا الْخَامِسَ وَالسَّادِسَ لَيْسَ إقْرَارًا أَصْلًا لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ وَالْخَامِسُ محتمل للإقرار لغير الْأَلْفِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالسَّادِسُ لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدُ بِخِلَافِ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَقَوْلِي وَجَوَابٌ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

" وَ " شُرِطَ فِي " الْمُقِرِّ إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ وَاخْتِيَارٍ " وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ " فَلَا يَصِحُّ " إقْرَارٌ " مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ " وَمُغْمًى عَلَيْهِ " وَمُكْرَهٍ " بِغَيْرِ حَقٍّ كَسَائِرِ عُقُودِهِمْ " فَإِنْ ادَّعَى " الصَّبِيُّ " بُلُوغًا بِإِمْنَاءٍ " هُوَ أَعَمُّ من تعبيره باحتلام " مُمْكِنٌ " بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ " صُدِّقَ " فِي ذَلِكَ " وَلَا يَحْلِفُ " عَلَيْهِ وَإِنْ فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ مَثَلًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى يَمِينٍ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا لِأَنَّ يَمِينَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَبَلَغَ مَبْلَغًا يُقْطَعُ فِيهِ بِبُلُوغِهِ قَالَ الْإِمَامُ فَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ وَكَالْإِمْنَاءِ فِي ذَلِكَ الْحَيْضُ " أَوْ " ادَّعَاهُ " بِسِنٍّ كُلِّفَ بَيِّنَةً " عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا لِإِمْكَانِهَا.


١ النساء: ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>