للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب الإجارة]

أركانها صيغة وأجرة ومنفعه وعاقد وشرط فيه ما في البيع وفي الصيغة ما فيه غير عدم التأقيت كأجرتك هَذَا أَوْ مَنَافِعَهُ أَوْ مَلَّكْتُكَهَا سَنَةً بِكَذَا لا بعتكها وترد على عين كإجارة معين كاكتريتك لكذا وعلى ذمة كإجارة موصوف وإلزام ذمته عملا وفي الأجرة ما في الثمن فلا تصح بعمارة وعلف ولا لسلخ بجلد وطحن ببعض دقيق وتصح.

ــ

كِتَابُ الْإِجَارَةِ.

بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وفتحها من آجره بالمد يؤجره إيجار أو يقال أَجَرَهُ بِالْقَصْرِ يَأْجُرُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا أَجْرًا وهي لغة اسم للأجرة وَشَرْعًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ بِشُرُوطٍ تَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} ١ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعٌ لا يوجب أجرة وأنما يوجبها ظاهرا الْعَقْدِ فَتَعَيَّنَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأْجَرَا رَجُلًا مِنْ بَنِي الدَّيْلِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَرْكُوبٌ وَمَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ كَمَا جُوِّزَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ.

" أَرْكَانُهَا " أَرْبَعَةٌ " صِيغَةٌ وَأُجْرَةُ وَمَنْفَعَةٌ وَعَاقِدٌ " مِنْ مُكْرٍ وَمُكْتِرٍ " وَشُرِطَ فِيهِ " أَيْ فِي الْعَاقِدِ " مَا " مَرَّ فِيهِ " فِي الْبَيْعِ " وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ثَمَّ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا إسْلَامُ الْمُكْتَرِي لِمُسْلِمٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ مَعَ زِيَادَةٍ وَتَصِحُّ إجَارَةُ السَّفِيهِ نَفْسَهُ لِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ كَالْحَجِّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ وَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ صَحَّ شِرَاؤُهُ نَفْسَهُ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ " وَ " شُرِطَ " فِي الصِّيغَةِ مَا " مَرَّ فِيهَا " فِيهِ " أَيْ فِي الْبَيْعِ " غَيْرَ عَدَمِ التَّأْقِيتِ كَأَجَّرْتُكَ " أَوْ أكريتك " هَذَا أَوْ مَنَافِعَهُ أَوْ مَلَّكْتُكَهَا سَنَةً بِكَذَا " فَيَقْبَلُ الْمُكْتَرِي " لَا بِعْتُكَهَا " أَيْ مَنَافِعَهُ سَنَةً بِكَذَا لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لفظ الإجارة في البيع لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَنَةً فِيمَا ذَكَرَ لَيْسَ مَفْعُولًا فِيهِ لِأَجَّرَ مَثَلًا لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ بَلْ لِمُقَدَّرٍ أَيْ آجَرْتُكَهُ وَانْتَفَعَ بِهِ سَنَةً كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} ٢ "أَنَّ التَّقْدِيرَ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَتَرِدُ " الْإِجَارَةُ " عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ مُعَيَّنٍ " مِنْ عَقَارٍ وَرَقِيقٍ وَنَحْوِهِمَا " كَاكْتَرَيْتُكَ لِكَذَا " سَنَةً وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْعَيْنِ " وَعَلَى ذِمَّةٍ كَإِجَارَةِ مَوْصُوفٍ " مِنْ دَابَّةٍ وَنَحْوِهَا لِحَمْلٍ مَثَلًا " وَإِلْزَامِ ذِمَّتِهِ عَمَلًا " كخياطة وبناء ومورد الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ أُورِدَتْ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ عَلَى الذِّمَّةِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَأَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ لَهُ فَوَائِدُ.

" وَ " شُرِطَ " فِي الْأُجْرَةِ مَا " مَرَّ " فِي الثَّمَنِ " فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً إلا أن تكون معينة فَتَكْفِي رُؤْيَتُهَا " فَلَا تَصِحُّ " إجَارَةُ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ " بِعِمَارَةٍ وَعَلَفٍ " بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ بِالْفَتْحِ مَا يُعْلَفُ بِهِ لِلْجَهْلِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرَ مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهُ خَارِجَ الْعَقْدِ فِي صَرْفِهِ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ الْعَلَفِ صَحَّتْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يَخْرُجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ القابض والمقبض لوقوعه ضمنا " ولا لِسَلْخٍ " لِشَاةٍ " بِجِلْدٍ " لَهَا " وَ " لَا "طَحْنٍ" لِبُرٍّ مَثَلًا " بِبَعْضِ دَقِيقٍ " مِنْهُ كَثُلُثِهِ لِلْجَهْلِ بثخانة الجلد ومقدار الدَّقِيقِ وَلِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأُجْرَةِ حَالًّا وَفِي مَعْنَى الدَّقِيقِ النُّخَالَةُ " وَتَصِحُّ " إجَارَةُ امْرَأَةٍ مَثَلًا " ببعض دقيق حَالًّا لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ " لِلْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ وَالْعَمَلُ الْمُكْتَرَى لَهُ إنَّمَا وَقَعَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي تَبَعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا بِبَعْضِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ إذْ ذَاكَ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ بِبَعْضِهِ حالا أو بعد.


١ الطلاق: ٦.
٢ البقرة: ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>