للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الأيمان.

اليمين تحقيق محتمل بما اختص الله تعالى به كوالله ورب العالمين وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ إلا أن يريد غير اليمين وبما هو فيه أَغْلَبُ كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّبِّ مَا لَمْ يرد غيره أو فيه وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءً كَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيِّ إنْ أراده وبصفته كعظمته وعزته وكبريائه وكلامه وَمَشِيئَتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَقِّهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْحَقِّ الْعِبَادَاتِ وَبِاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ الْمَعْلُومَ وَالْمَقْدُورَ وَبِالْبَقِيَّةِ ظهور آثارها وأحرف القسم باء وواو وتاء ويختص الله بالتاء ولو قال الله بتثليث آخره أو تسكينه فكناية وأقسمت أَوْ أَقْسِمُ أَوْ حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لأفعلن.

ــ

كِتَابُ الْأَيْمَانِ.

جَمْعُ يَمِينٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَآيَةِ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} ١ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَالْيَمِينُ والحلف والإيلاء والقسم ألفاظ مترادفة.

" اليمين تَحْقِيقُ " أَمْرٍ " مُحْتَمِلٍ " هَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ بِأَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى مَا لَمْ يَقْصِدْهُ بِهَا أَوْ إلَى لَفْظِهَا كَقَوْلِهِ فِي حَالِ غَضَبِهِ أَوْ صِلَةِ كَلَامٍ لَا وَاَللَّهِ تَارَةً وَبَلَى وَاَللَّهِ أُخْرَى وَبِالْمُحْتَمِلِ غيره كقوله والله لأموتن أَوْ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ لِامْتِنَاعِ الْحِنْثِ فِيهِ بِذَاتِهِ بِخِلَافِ وَاَللَّهِ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ فَإِنَّهُ يَمِينٌ تَلْزَمُ بِهِ الْكَفَّارَةُ حَالًا وَتَنْعَقِدُ بِأَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ " بِمَا اخْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ " وَلَوْ مُشْتَقًّا أَوْ مِنْ غَيْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى " كو الله " بِتَثْلِيثِ آخِرِهِ أَوْ تَسْكِينِهِ إذْ اللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ " وَرَبِّ الْعَالَمِينَ " أَيْ مَالِك الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ وَخَالِقِ الْخَلْقِ " وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ " أَيْ بِقُدْرَتِهِ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ والدي أَعْبُدُهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ " إلَّا أَنْ يُرِيدَ " به " غير اليمين " فَلَيْسَ بِيَمِينٍ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الطلاق والعتاق والإيلاء ظاهرا لتعلق حَقُّ غَيْرِهِ بِهِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ تَعَالَى فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَتُهُ ذَلِكَ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا لِأَنَّ الْيَمِينَ بِذَلِكَ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أُرِدْ بِهِ اليمين مؤول بذلك أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ " وَبِمَا هُوَ فِيهِ " تَعَالَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ " أَغْلَبُ كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّبِّ مَا لَمْ يُرِدْ " بِهَا " غَيْرَهُ " تَعَالَى بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا كَرَحِيمِ الْقَلْبِ وَخَالِقِ الْإِفْكِ وَرَازِقِ الْجَيْشِ وَرَبِّ الْإِبِلِ " أَوْ " بِمَا هُوَ " فِيهِ " تَعَالَى " وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءً كَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيِّ إنْ أَرَادَهُ " تَعَالَى بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهَا لَمَّا أُطْلِقَتْ عَلَيْهِمَا سَوَاءً أَشْبَهَتْ الْكِنَايَاتِ.

" وَبِصِفَتِهِ " الذَّاتِيَّةِ " كَعَظَمَتِهِ وعزته وكبريائه وكلامه ومشيئته وعلمه وقدرته وحقه إلا أن يرد بِالْحَقِّ الْعِبَادَاتِ وَبِاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ الْمَعْلُومَ وَالْمَقْدُورَ وَبِالْبَقِيَّةِ ظُهُورَ آثَارِهَا " فَلَيْسَتْ يَمِينًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا وَقَوْلِي وَبِالْبَقِيَّةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلُهُ وَكِتَابِ اللَّهِ يَمِينٌ وَكَذَا وَالْقُرْآنِ أَوْ الْمُصْحَفِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ وَبِالْمُصْحَفِ الورق والجلد " وأحرف الْقَسَمِ " الْمَشْهُورَةِ " بَاءٌ " مُوَحَّدَةٌ " وَوَاوٌ وَتَاءٌ " فَوْقِيَّةٌ كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا " وَيَخْتَصُّ اللَّهُ " أَيْ لَفْظُهُ " بِالتَّاءِ " الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُظْهَرُ مُطْلَقًا بِالْوَاوِ وسمع شاذا ترب الكعبة وَتَالرَّحْمَنِ وَتَدْخُلُ الْمُوَحَّدَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُضْمَرِ فَهِيَ الْأَصْلُ وَتَلِيهَا الْوَاوُ ثُمَّ التَّاءُ " وَلَوْ قَالَ اللَّهُ " مَثَلًا " بِتَثْلِيثِ آخِرِهِ أَوْ تَسْكِينِهِ " لَأَفْعَلَنَّ كَذَا " فَكِنَايَةٌ " كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ أَوْ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّتُهُ وَكَفَالَتُهُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ وَإِلَّا فَلَا وَاللَّحْنُ وَإِنْ قِيلَ بِهِ فِي الرفع لا.


١ سورة البقرة الآية: ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>