للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الأشربة.

كل شراب أسكر كثيره حرم تناوله ولو لتداو أو عطش أو درديا عَلَى مُلْتَزِمِ تَحْرِيمِهِ مُخْتَارٌ عَالِمٌ بِهِ وَبِتَحْرِيمِهِ ولا ضرورة وحد به وإن جهل الحد لا لتداو أو عطش ولا مستهلكا ولا بحقن وسعوط وحد حر أربعون وغيره عشرون ولاء بنحو سوط وأيد وللإمام زيادة قدره وهي تعازير وَحُدَّ بِإِقْرَارِهِ وَبِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا وسوط.

ــ

كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالتَّعَازِيرِ.

وَالْأَشْرِبَةُ جَمْعُ شَرَابٍ بِمَعْنَى مشروب " كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ " مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ " حَرُمَ تَنَاوُلُهُ " وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يُسْكِرْ لآية: {إِنَّمَا الْخَمْرُ} ١ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ " كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ" وَخَبَرُ مُسْلِمٍ " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ" " وَلَوْ كَانَ " تَنَاوُلُهُ " لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ " وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ " أَوْ " كان " درديا " وَهُوَ مَا يَبْقَى أَسْفَلُ إنَاءِ مَا يُسْكِرُ ثَخِينًا " عَلَى مُلْتَزِمِ تَحْرِيمِهِ مُخْتَارٌ عَالِمٌ بِهِ وَبِتَحْرِيمِهِ وَلَا ضَرُورَةَ وَحُدَّ بِهِ " أَيْ بِتَنَاوُلِ ذلك لأن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحُدُّ فِي الْخَمْرِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ خَبَرَ " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ" وَقِيسَ بِهِ شُرْبُ النَّبِيذِ وَإِنَّمَا حُرِّمَ الْقَلِيلُ وَحُدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ كَمَا حَرُمَ تَقْبِيلُ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْخَلْوَةُ بِهَا لِإِفْضَائِهِمَا إلَى الْوَطْءِ وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ السَّكْرَانُ وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ أَضْدَادُهَا فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَافِرٍ وَمُكْرَهٍ وَمُوجَر وَجَاهِلٍ بِهِ أَوْ بِتَحْرِيمِهِ إنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ شَرِقَ بِلُقْمَةٍ فَأَسَاغَهَا بِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا حُدَّ الْحَنَفِيُّ بِتَنَاوُلِهِ النَّبِيذَ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِهِ وَلِأَنَّ الطَّبْعَ يَدْعُو إلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلى الزجر عنه وخرج بالشراب غيره كَبَنْجٍ وَحَشِيشٍ مُسْكِرٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لَا يُحَدُّ بِهِ وَلَا تَرِدُ الْخَمْرَةُ الْمَعْقُودَةُ وَلَا الْحَشِيشُ الْمُذَابُ نَظَرَا لِأَصْلَيْهِمَا وَيُحَدُّ بِمَا ذُكِرَ.

" وَإِنْ جَهِلَ الْحَدَّ " بِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ " لَا " بِتَنَاوُلِهِ " لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ " فَلَا يُحَدُّ بِهِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لِشُبْهَةِ قَصْدِ التَّدَاوِي وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ بِذَلِكَ ضَعَّفَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ " وَلَا " بِتَنَاوُلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ " مُسْتَهْلِكًا " بِغَيْرِهِ كَخَبْزٍ عجن دقيقه به لاستهلاكه " ولا " بتناوله " بِحَقْنٍ وَسَعُوطٍ " بِفَتْحِ السِّينِ لِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَلَا حَاجَةَ فِيهِمَا إلَى زَجْرٍ " وَحَدُّ حُرٍّ أَرْبَعُونَ " جَلْدَةً فَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ أَرْبَعِينَ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ " وَ " حَدُّ " غَيْرِهِ " وَلَوْ مُبَعَّضًا " عِشْرُونَ " عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ كَنَظَائِرِهِ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّقِيقِ " وَلَاءُ " كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَالْعِشْرِينَ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِهَا زَجْرٌ وَتَنْكِيلٌ فَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ لِعَدَمِ الإيلاء فَإِنْ حَصَلَ بِهَا حِينَئِذٍ إيلَامٌ قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ مَا يَزُولُ بِهِ الْأَلَمُ الْأَوَّلُ كَفَى وَإِلَّا فَلَا وَيُحَدُّ الرَّجُلُ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً وَتَلُفُّ امْرَأَةٌ أَوْ نَحْوُهَا عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَكَالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ بِلَفِّ ثِيَابِهِ الْمَرْأَةُ وَنَحْوُهَا ويحتمل تعيين المحرم ونحوه وَيَحْصُلُ الْحَدُّ " بِنَحْوِ سَوْطٍ وَأَيْدٍ " كَنِعَالٍ وَعَصَى مُعْتَدِلَةٍ وَأَطْرَافِ ثِيَابٍ بَعْدَ فَتْلِهَا حَتَّى تَشْتَدَّ " وَلِلْإِمَامِ زِيَادَةُ قَدْرِهِ " أَيْ الْحَدِّ عَلَيْهِ إنْ رآه فيبلغ الحر ثمانين غيره أَرْبَعِينَ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْحُرِّ وَرَآهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ ثمانون.


١ سورة المائدة الآية: ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>