للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب اللقيط.

لقطه فرض كفاية ويجب إشهاد عليه وعلى ما مع اللقيط وَاللَّقِيطُ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ مَنْبُوذٌ لَا كَافِلَ له واللاقط حر رشيد عدل فلو لقطه غيره لم يصح لكن لكافر لقط كافر فإن أذن لرقيقه غير المكاتب أو أقره فهو اللاقط ولو ازدحم أهلان قبل أخذه عين الحاكم من يراه أو بعده قدم سابق وإن لقطاه معا فغني على فقير وعدل على مستور ثم أقرع وله نقله من بادية لقرية ومنهما لبلد لا عكسه ومن كل لمثله ومؤنته فِي مَالِهِ الْعَامِّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوْ.

ــ

كتاب اللقيط.

ويمسى مَلْقُوطًا وَمَنْبُوذًا وَدَعِيًّا وَالْأَصْلُ فِيهِ مَعَ مَا يأتي قوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} ١ وقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ٢ وأركان اللقط الشرعي لقط ولقيط ولا قط وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.

" لَقْطُهُ " أَيْ اللَّقِيطِ " فَرْضُ كِفَايَةٍ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} ٣ وَلِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ فَوَجَبَ حِفْظُهُ كَالْمُضْطَرِّ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ وَفَارَقَ اللُّقَطَةَ حَيْثُ لَا يَجِبُ لَقْطُهَا بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الِاكْتِسَابُ وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ الْوُجُوبِ كَالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ فِيهِ " وَيَجِبُ إشْهَادٌ عَلَيْهِ " أَيْ عَلَى اللَّقْطِ وَإِنْ كَانَ اللَّاقِطُ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ وَفَارَقَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادَ عَلَى لَقْطِ اللُّقَطَةِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الْمَالُ وَالْإِشْهَادُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ مُسْتَحَبٌّ وَمِنْ اللَّقِيطِ حِفْظُ حُرِّيَّتِهِ وَنَسَبِهِ فَوَجَبَ الْإِشْهَادُ كَمَا فِي النِّكَاح وَبِأَنَّ اللُّقَطَةَ يَشِيعُ أَمْرُهَا بِالتَّعْرِيفِ وَلَا تَعْرِيفَ فِي اللَّقِيطِ " وَعَلَى مَا مَعَ اللَّقِيطِ " تَبَعًا لَهُ وَلِئَلَّا يَتَمَلَّكَهُ فَلَوْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ وَلَايَةُ الْحَضَانَةِ وَجَازَ نَزْعُهُ مِنْهُ قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى لَاقِطٍ بِنَفْسِهِ أَمَّا مَنْ سَلَّمَهُ لَهُ الْحَاكِمُ فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.

" وَاللَّقِيطُ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ مَنْبُوذٌ لَا كَافِلَ له " معلوم وَلَوْ مُمَيِّزًا لِحَاجَتِهِ إلَى التَّعَهُّدِ وَقَوْلِي وَعَلَى مَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي " وَاللَّاقِطُ حُرٌّ رَشِيدٌ عَدْلٌ " وَلَوْ مَسْتُورًا " فَلَوْ لَقَطَهُ غَيْرُهُ " مِمَّنْ بِهِ رِقٌّ وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ كُفْرٌ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ سَفَهٌ " لَمْ يَصِحَّ " فَيُنْزَعُ اللَّقِيطُ مِنْهُ لِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ وَلَايَةٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا " لَكِنْ لِكَافِرٍ لَقْطُ كَافِرٍ " لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُوَالَاةِ "فَإِنْ أَذِنَ لِرَقِيقِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ " فِي لَقْطِهِ " أَوْ أَقَرَّهُ " عَلَيْهِ " فَهُوَ اللَّاقِطُ " وَرَقِيقُهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ إذْ يَدُهُ كَيَدِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِاسْتِقْلَالِهِ فَلَا يَكُونُ السَّيِّدُ هُوَ اللَّاقِطُ بَلْ وَلَا هُوَ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَإِنْ قَالَ لَهُ السَّيِّدُ الْتَقِطْ لِي فَالسَّيِّدُ هُوَ اللَّاقِطُ وَالْمُبَعَّضُ كَالرَّقِيقِ إلَّا إذَا لَقَطَ فِي نَوْبَتِهِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَوْ ازْدَحَمَ أَهْلَانِ " لِلَقْطٍ عَلَى لَقِيطٍ " قَبْلَ أَخْذِهِ " بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَا آخُذُهُ " عين الحاكم من يراه " ولومن غَيْرِهِمَا إذْ لَا حَقَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِهِ " أَوْ بَعْدَهُ " أَيْ بَعْدَ أَخْذِهِ " قُدِّمَ سابق " لسبقه باللقط لا يَثْبُتُ السَّبَقُ بِالْوُقُوفِ عَلَى رَأْسِهِ بِغَيْرِ أَخْذِهِ " وَإِنْ لَقَطَاهُ مَعًا فَغَنِيٌّ " يُقَدَّمُ " عَلَى فَقِيرٍ " لأنه قد يواسيه بماله " وَعَدْلٌ " بَاطِنًا " عَلَى مَسْتُورٍ " احْتِيَاطًا لِلَّقِيطِ " ثُمَّ " إنْ اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ وَتَشَاحَّا " أَقُرِعَ " بَيْنَهُمَا إذْ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ انْفَرَدَ بِهِ الْآخَرُ وَلَيْسَ لِمَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ تَرْكُ حَقِّهِ لِلْآخَرِ كَمَا لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ فِي كَافِرٍ وَلَا رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ.

" وَلَهُ " أَيْ لِلَّاقِطِ " نَقْلُهُ مِنْ بَادِيَةٍ لِقَرْيَةٍ وَ " نَقْلُهُ " مِنْهُمَا " أَيْ مِنْ بَادِيَةٍ وَقَرْيَةٍ أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا " لِبَلَدِ " لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ " لا عكسه " أي لانقله مِنْ قَرْيَةٍ لِبَادِيَةٍ أَوْ مِنْ بَلَدٍ لِقَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ لِخُشُونَةِ عَيْشِهِمَا وَفَوَاتِ الْعِلْمِ بِالدِّينِ والصنعة فيهما نعم له.


١ الحج: ٧٧.
٢ المائدة: ٢.
٣ المائدة: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>