للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم من غد بعد صبح إلى منى ويبيتوا بها ويقصدوا عرفة إذا أشرقت الشمس على ثبير ويقيموا بقربها بنمرة إلى الزوال ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمْ إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ فَيَخْطُبُ خطبتين ثم يجمع بهم العصرين تقديما ويقفوا بعرفة ويكثروا الذكر والدعاء إلى الغروب ثم يَقْصِدُوا مُزْدَلِفَةَ وَيَجْمَعُوا بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ تَأْخِيرًا وواجب الوقوف حضوره وهو أهل للعبادة بعرفة بين زوال وفجر نحر ولو فارقها قبل غروب ولم يعد سن دم ولو وقفوا العاشر غلطا ولم يقلوا أجزأهم.

ــ

الْخُطْبَةِ الْآتِيَة فِي مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ وَيَأْمُرُ فِيهَا أَيْضًا الْمُتَمَتِّعِينَ وَالْمَكِّيِّينَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ وَبَعْدَ إحْرَامِهِمْ وَهَذَا الطَّوَافُ مَسْنُونٌ وَقَوْلِي أَوْ جُمُعَةً مِنْ زِيَادَتِي " وَ " أَنْ " يَخْرُجَ بِهِمْ مِنْ غَدٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " بَعْدَ صُبْحٍ " أَيْ صَلَاتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ خرج بهم قبل الفجر إنْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ إقَامَتُهَا بِمِنًى كَمَا عُرِفَ فِي بَابِهَا " إلَى مِنًى " فَيُصَلُّونَ بِهَا الظُّهْرَ وَمَا بَعْدَهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ: " وَ " أَنْ " يَبِيتُوا بِهَا وَ " أَنْ " يَقْصِدُوا عرفة إذا أشرقت " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ طَلَعَتْ " الشَّمْسُ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " عَلَى ثَبِيرَ " وَهُوَ جَبَلٌ كَبِيرٌ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إلَى عَرَفَةَ مَارِّينَ بِطَرِيقِ ضَبٍّ وَهُوَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ " وَ " أَنْ " يُقِيمُوا بِقُرْبِهَا بِنَمِرَةَ إلَى الزَّوَالِ " وَقَوْلِي " ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمْ إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ " صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من زيادتي وصدره من عرفة وَآخِرُهُ مِنْ عَرَفَةَ وَيُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا صَخَرَاتٌ كِبَارٌ فُرِشَتْ هُنَاكَ " فَيَخْطُبُ " بِهِمْ فِيهِ " خُطْبَتَيْنِ " يُبَيِّنُ لَهُمْ فِي أُولَاهُمَا مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى إكْثَارِ الدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ فِي الْمَوَاقِفِ وَيُخَفِّفُهَا وَيَجْلِسُ بَعْدَ فَرَاغِهَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثُمَّ يَقُومُ إلَى الثَّانِيَةِ وَيَأْخُذُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ وَيُخَفِّفُهَا بِحَيْثُ يفرغ منها مع فراغ المؤذن مِنْ الْأَذَانِ " ثُمَّ يَجْمَعُ بِهِمْ " بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ " الْعَصْرَيْنِ تَقْدِيمًا " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ جَمْعُ تَقْدِيمٍ مِنْ زِيَادَتِي وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ وَيَقْصُرُهُمَا أَيْضًا الْمُسَافِرُ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّ.

" وَ " أَنْ " يَقِفُوا بِعَرَفَةَ " إلَى الْغُرُوبِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مسلم قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَبَيْنَ هَذَا الْمَسْجِدِ وَمَوْقِفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّخَرَاتِ نَحْوُ مِيلٍ " وَ " أَنْ " يُكْثِرُوا الذِّكْرَ " مِنْ تَهْلِيلٍ أو غيره " وَالدُّعَاءَ إلَى الْغُرُوبِ " رَوَى التِّرْمِذِيُّ خَبَرَ أَفْضَلُ الدعاء دعاء يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَفْضَلُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَذَكَرَ الْإِكْثَارَ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرُ غَيْرُ التَّهْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِي " ثُمَّ " بعد الغروب " يقصدوا مزدلفة ويجمع بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ تَأْخِيرًا " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نَعَمْ إنْ خَشِيَ فَوْتَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلْعِشَاءِ جَمَعَ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَيَذْهَبُونَ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ فَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ " وَوَاجِبُ الْوُقُوفِ " بِعَرَفَةَ " حُضُورُهُ " أَيْ الْمُحْرِمِ " وَهُوَ أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ " وَلَوْ نَائِمًا أَوْ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ أَوْ نحوه " بعرفة " أي بجزء منها " بَيْنَ زَوَالٍ وَفَجْرٍ " يَوْمَ " نَحْرٍ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي خَبَرِهِ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَلِخَبَرِ الْحَجُّ عَرَفَةَ مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَيْلَةُ جَمْعٍ هِيَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ كَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ وَمَجْنُونٍ فَلَا يُجْزِئُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَكِنْ يَقَعُ حَجُّهُمْ نَفْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْمَجْنُونِ كَحَجِّ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَاتَهُ الْحَجُّ لِصِحَّةِ حَمْلِهِ عَلَى فَوَاتِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ.

" وَلَوْ فَارَقَهَا " أَيْ عَرَفَةَ " قَبْلَ غُرُوبٍ وَلَمْ يَعُدْ " إلَيْهَا " سُنَّ " لَهُ " دَمٌ " خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لَا إنْ عَادَ إلَيْهَا وَلَوْ لَيْلًا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُسَنُّ لَهُ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْمَوْقِفِ " وَلَوْ وَقَفُوا " الْيَوْمَ " الْعَاشِرَ غَلَطًا وَلَمْ يَقِلُّوا " عَلَى خِلَافِ العادة في الحج لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا ذَا الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بان أن الهلال أهل ليلة الثلاثين " أَجْزَأَهُمْ " وُقُوفُهُمْ سَوَاءٌ أَبَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْعَاشِرِ أَمْ بَعْدَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ إذْ لَوْ كُلِّفُوا بِهِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَلُّوا وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ حِسَابٍ كما ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>