للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقدت فلا غسل وحرم بها ما حرم بحدث ومكث مسلم بمسجد وقراءته لقرآن بقصده وأقله نية رفع حدث أو نحو جنابة أو استباحة مفتقر إليه أو أداء أو فرض غسل مقرونة بأوله وتعميم ظاهر بدنه وأكمله إزالة قذر فتكفي غسلة لنجس وحدث ثم وضوء ثم تعهد معاطفه وتخليل شعر رأسه ولحيته ثم إفاضة الماء على رأسه ثم شقه الأيمن ثم.

ــ

لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ قَالَ: "نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ" وَخَرَجَ بِمَنِيِّهِ مَنِيُّ غَيْرِهِ وبأولا خُرُوجُ مَنِيِّهِ ثَانِيًا كَأَنْ اسْتَدْخَلَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ فَتَعْبِيرِي بِمَنِيِّهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَنِيِّ وَقَوْلَيْ أَوَّلًا مَعَ التَّقْيِيدِ بِتَحْتِ الصُّلْبِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فَالصُّلْبُ وَالتَّرَائِبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ فِي الْحَدَثِ فِيمَا مَرَّ ثَمَّ وَيَكْفِي فِي الثَّيِّبِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ إلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِهَا عِنْدَ قُعُودِهَا لِأَنَّهُ فِي الْغُسْلِ كَالظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ الْكَلَامُ فِي مني مستحكم فإن لم يستحكم بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ.

" وَيُعْرَفُ " الْمَنِيُّ " بِتَدَفُّقٍ " لَهُ " أَوْ لَذَّةٍ " بِخُرُوجِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ لِقِلَّتِهِ " أَوْ رِيحِ عَجِينٍ " وَطَلْعِ نَخْلٍ " رَطْبًا أَوْ " رِيحِ " بَيَاضِ بَيْضٍ جَافًّا " وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ وَيَتَلَذَّذُ بِهِ كَأَنْ خَرَجَ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ وَرَطْبًا وَجَافًّا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ " فَإِنْ فُقِدَتْ " خَوَاصُّهُ الْمَذْكُورَةُ " فَلَا غُسْلَ " يَجِبُ بِهِ فَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنُ الْخَارِجِ مَنِيًّا أَوْ وَدْيًا كَمَنْ اسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ الْخَارِجَ مِنْهُ أَبْيَضَ ثَخِينًا تَخَيَّرَ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا فيغتسل أَوْ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ يُعْرَفُ بِمَا ذُكِرَ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لَكِنْ قَالَ الإمام والغزالي لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَابْنُ الصَّلَاحِ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْحَقُّ.

" وَحَرُمَ بِهَا " أَيْ بِالْجَنَابَةِ " مَا حَرُمَ بِحَدَثٍ " مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ " وَمُكْثُ مسلم " بلا ضرورة ولو متردد " بمسجد " لَا عُبُورُهُ قَالَ تَعَالَى: {وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} ١ بخلاف الرباط ونحوه " وقراءته القرآن بِقَصْدِهِ " وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ " لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ " وهو إن كَانَ ضَعِيفًا لَهُ مُتَابَعَاتٌ تُجْبِرُ ضَعْفَهُ لَكِنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ كَأَنْ قَالَ عِنْدَ الرُّكُوبِ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} ٢ وَعِنْدَ الْمُصِيبَةِ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} ٣ بِغَيْرِ قَصْدِ قُرْآنٍ فَلَا تَحْرُمُ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَتَحِلُّ أَذْكَارُهُ لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ إذْ غَيْرُ أَذْكَارِهِ كَمَوَاعِظِهِ وَأَخْبَارِهِ كَذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِهِ الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ وَلَا مِنْ الْقِرَاءَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حرمة ذلك لَكِنْ شَرْطُ حِلِّ قِرَاءَتِهِ أَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ وَبِالْقُرْآنِ غَيْرُهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ.

" وَأَقَلُّهُ " أَيْ الْغُسْلِ مِنْ جَنَابَةٍ وَنَحْوهَا " نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ نحو جنابة " كحيض أي رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ " أَوْ " نِيَّةُ " اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إليه " أي الْغُسْلِ كَصَلَاةٍ " أَوْ أَدَاءِ " غُسْلٍ " أَوْ فَرْضِ غُسْلٍ " وَفِي مَعْنَاهُ الْغُسْلُ الْمَفْرُوضُ وَالطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَذِكْرُ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَنَحْوِ الْجَنَابَةِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِأَدَاءٍ أَوْ فَرْضِ الْغُسْلِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَدَاءِ فَرْضِ الْغُسْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ نِيَّةَ مَنْ بِهِ سَلَسُ مَنِيٍّ كَنِيَّةِ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا " مَقْرُونَةً بِأَوَّلِهِ " أَيْ الْغُسْلِ فَلَوْ نَوَى بَعْدَ غُسْلِ جُزْءٍ وَجَبَ إعَادَةُ غُسْلِهِ " وَتَعْمِيمُ ظَاهِرِ بَدَنِهِ " بِالْمَاءِ حَتَّى الْأَظْفَارِ وَالشَّعْرِ وَمَنْبَتِهِ وَإِنْ كَثُفَ وَمَا يَظْهَرُ مِنْ صِمَاخَيْ الْأُذُنَيْنِ وَمِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ قُعُودِهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَمَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ مِنْ الْأَقْلَفِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ مضمضة واستنشاق كما في الوضوء وَلَا غَسْلُ شَعْرٍ نَبَتَ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْأَنْفِ وَكَذَا بَاطِنُ عُقَدِهِ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ " وَأَكْمَلُهُ إزَالَةُ قَذَرٍ " بِمُعْجَمَةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ نَجِسًا كَمَنِيٍّ وَوَدْيٍ اسْتِظْهَارًا " فَتَكْفِي غَسْلَةٌ " وَاحِدَةٌ " لِنَجَسٍ وحدث " لأن موجبهما واحد وقد حصل.


١ النساء: ٤٣.
٢ الزخرف: ١٣.
٣ البقرة: ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>