للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيء وروث وبول ومذي وودي ولبن ما لا يؤكل غير بشر ومبان من حي كميتته إلا نحو شعر مأكول فطاهر كعلقة ومضغة ورطوبة فرج من طاهر والذي يطهر من نجس العين خمر تخلل بلا عين بدنها وجلد نجس بالموت باندباغه بما ينزع فضوله ويصير كثوب تنجس وما نجس ولو معضا بشيء من نحو كلب غسل سبعا.

ــ

وَالدَّمُ} ١ أما ميتة البشر وتالييه فطاهرة لِحِلِّ تَنَاوُلِ الْأَخِيرَيْنِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ٢ فِي الْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمُهُمْ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَأَمَّا قَوْله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ٣ فَالْمُرَادُ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ وَالْمُرَادُ بِالْمَيْتَةِ الزَّائِلَةُ الْحَيَاةُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ فَلَا حاجة إلى أن يستثنى منها جنين المذكاة والصيد الميت بالضغطة والبعير الناد بِالسَّهْمِ.

" وَدَمٌ " لِمَا مَرَّ مِنْ تَحْرِيمِهِ وَلِقَوْلِهِ تعالى: {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} ٤ أي سائلا بخلاف غير السَّائِلِ كَطِحَالٍ وَكَبِدٍ وَعَلَقَةٍ " وَقَيْحٌ " لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ " وَقَيْءٌ " وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَالْغَائِطِ " وَرَوْثٌ " بِمُثَلَّثَةٍ كَالْبَوْلِ نَعَمْ مَا أَلْقَاهُ الْحَيَوَانُ مِنْ حَبٍّ مُتَصَلِّبٍ لَيْسَ بِنَجِسٍ بَلْ مُتَنَجِّسٌ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ " وَبَوْلٌ " لِلْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ " وَمَذْيٌ " بِمُعْجَمَةٍ لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ غَالِبًا عِنْدَ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ قَوِيَّةٍ " وَوَدْيٌ " بِمُهْمَلَةٍ كَالْبَوْلِ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ إمَّا عَقِبَهُ حَيْثُ اسْتَمْسَكَتْ الطَّبِيعَةُ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شيء ثقيل " ولبن ما لا يؤكل غير بشر " كلبن الأتان لأنه يستحيل في الْبَاطِنِ كَالدَّمِ أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ وَلَبَنُ البشر فطاهران أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} ٥ وأما الثاني فإنه لا يليق بكرامته أن يكون منشؤ نَجِسًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُنْثَى الْكَبِيرَةِ الْحَيَّةِ وَغَيْرِهَا كَمَا شَمِلَهُ تَعْبِيرُ الصَّيْمَرِيِّ بِلَبَنِ الْآدَمِيِّينَ والآدميات وقيل لبن الذكر والصغير والميتة نجس والأوجه الأول وجرى عليه الجماعة لِأَنَّ الْكَرَامَةَ الثَّابِتَةَ لِلْبَشَرِ الْأَصْلُ شُمُولُهَا لِلْكُلِّ وتعبير جماعة بالآدميات الموافق لتعليلهم السابق جرى على الغالب وما يزد عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ نَحْوِ الْجِرَّةِ وَمَاءِ الْمُتَنَفِّطِ فهو في معناها مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ.

" و " جُزْءٌ " مُبَانٌ مِنْ حَيٍّ كَمَيْتَتِهِ " طَهَارَةً وَنَجَاسَةً لِخَبَرِ: "مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ" رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَجُزْءُ الْبَشَرِ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ طَاهِرٌ دُونَ جُزْءِ غَيْرِهَا " إلَّا نَحْوَ شَعْرِ " حَيَوَانٍ " مَأْكُولٍ " كَصُوفِهِ ووبره ومسكه وفأرته " فَطَاهِرٌ " قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ} ٦" وَخَرَجَ بِالْمَأْكُولِ نَحْوُ شَعْرِ غَيْرِهِ فَنَجِسٌ وَمِنْهُ نَحْوُ شَعْرِ عُضْوٍ أُبِينَ مِنْ مَأْكُولٍ لِأَنَّ الْعُضْوَ صَارَ غَيْرَ مَأْكُولٍ " كَعَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ وَرُطُوبَةِ فَرْجٍ مِنْ " حَيَوَانٍ " طَاهِرٍ " وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ كَأَصْلِهَا وَقَوْلِي نَحْوُ وَمِنْ طَاهِرٍ من زيادتي.

فرع: دُخَانُ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَبُخَارُهَا كَذَلِكَ إنْ تَصَاعَدَ بِوَاسِطَةِ نَارٍ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ تَفْصِلُهُ النَّارُ لِقُوَّتِهَا وَإِلَّا فَطَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ نَجَاسَتَهُ أَوْ طَهَارَتَهُ " وَاَلَّذِي يَطْهُرُ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ " شَيْئَانِ " خَمْرٌ " وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ " تَخَلَّلَتْ " أَيْ صَارَتْ خَلًّا " بِلَا " مُصَاحَبَةِ " عَيْنٍ " وَقَعَتْ فِيهَا وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ أَوْ عكسه لِمَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم أنتخذ الْخَمْرُ خَلًّا قَالَ: "لَا" " بِدِنِّهَا " أَيْ فَتَطْهُرُ مَعَ دِنِّهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ خَلٌّ طَاهِرٌ مِنْ خَمْرٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي أَمَّا إذَا تَخَلَّلَتْ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ في التخليل كحصاة فلا تطهر لنتجسها بَعْدَ تَخَلُّلِهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهَا وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا يُشْتَرَطُ طَرْحُ الْعَيْنِ فِيهَا وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ إذَا نُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهَا قَبْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَنْزُوعَةُ قَبْلَهُ نَجِسَةً كَعَظْمِ مَيْتَةٍ لَمْ تَطْهُرْ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَالْخَمْرُ حَقِيقَةً الْمُسْكِرُ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَخَرَجَ بِهِ النَّبِيذُ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الزَّبِيبِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ لَكِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ وَفِي مَعْنَى تَخَلُّلِ الْخَمْرِ انْقِلَابُ دَمِ الظَّبْيَةِ مِسْكًا.

" وَجِلْدٌ " وَلَوْ من غير مأكول " نجس " بالموت " فيطهر " ظاهر أو باطنا " باندباغه بما ينزع فضوله " من لحم ودم.


١ المائدة: ٣.
٢ الاسراء: ٧٠.
٣ التوبة: ٢٨.
٤ الأنعام: ١٤٥.
٥ النحل: ٦٦
٦ النحل: ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>