للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يملك ظاهر علمه بإحياء ولا الباطن بحفر ولا يثبت في ظاهر اختصاص بتحجر ولا إقطاع فإن ضاقا قدم سابق إن علم وإلا أقرع بقدر حاجته وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ بِهِ أَحَدُهُمَا مَلَكَهُ والماء المباح يستوي الناس فيه فإن أراد قوم سقي أرضهم منه فضاق سقي الأول إلى الكعبين ويفرد كل من مرتفع ومنخفض بسقي وما أخذ منه ملك وحافر بئر بموات لارتفاقه أولى بمائها حتى يرتحل ولتملك أو بملكه مالك لمائها وعليه بذل ما فضل عنه لحيوان.

ــ

بمد وَيُقْصَرُ وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيهِ الْبَحْرُ إلَى السَّاحِلِ فَيَجْمُدُ وَيَصِيرُ كَالْقَارِ " وَبِرَامٍ " بِكَسْرِ أَوَّلِهِ حَجَرٌ يعمل مِنْهُ الْقُدُورُ " وَ " الْمَعْدِنُ " الْبَاطِنُ بِخِلَافِهِ " أَيْ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ فَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجٍ " كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ " وَلِقِطْعَةِ ذَهَبٍ مَثَلًا أَظْهَرَهَا السَّيْلُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ " وَلَا يُمْلَكُ ظَاهِرٌ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " عَلِمَهُ " أَيْ مَنْ يُحْيِي " بِإِحْيَاءٍ " كَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ " وَلَا الباطن بِحَفْرٍ " لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَوَاتَ وَهُوَ إنَّمَا يُمْلَكُ بالعمارة وحفر المعدن تَخْرِيبٌ " وَلَا يَثْبُتُ فِي ظَاهِرِ اخْتِصَاصٍ بِتَحَجُّرٍ" بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَاءِ الْجَارِي وَالْكَلَأِ وَالْحَطَبِ " وَلَا " يَثْبُتُ فِيهِ " إقْطَاعٌ " لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ سَمَكِ بِرْكَةٍ ولا حشيش أرض ولا حطبها بِخِلَافِ الْبَاطِنِ فَيَثْبُتُ فِيهِ مَا ذُكِرَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى عِلَاجٍ " فَإِنْ ضَاقَا " أَيْ الْمَعْدِنَانِ عَنْ اثنين مثلا جاء " قُدِّمَ سَابِقٌ " إلَى بُقْعَتَيْهِمَا " إنْ عُلِمَ وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ " أُقْرِعَ " بَيْنَهُمَا فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَتَقْدِيمُ مَنْ ذُكِرَ يَكُونُ " بِقَدْرِ حَاجَتِهِ " بِأَنْ يَأْخُذَ مَا تَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ فَإِنْ طَلَبَ زِيَادَةً عَلَيْهَا أُزْعِجَ لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ وَذِكْرُ عَدَمِ الْمِلْكِ بِالْإِحْيَاءِ وَعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِالتَّحَجُّرِ وَحُكْمِ الضِّيقِ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْبَاطِنِ وَقَوْلِي وَإِلَّا أَعَمُّ مِنْ قوله فلو جاء مَعًا.

" وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ بِهِ أَحَدُهُمَا مَلَكَهُ " لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَقَدْ مَلَكَهَا بالإحياء وخرج بظهوره مالو عَلِمَهُ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ الْمَعْدِنَ الْبَاطِنَ دُونَ الظَّاهِرِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَأَقَرَّ النَّوَوِيُّ عَلَيْهِ صَاحِبَ التَّنْبِيهِ أَمَّا بقعتهما فلا يملكها بإحيائها مع علمه بها لِفَسَادِ قَصْدِهِ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُتَّخَذُ دَارًا وَلَا بُسْتَانًا وَلَا مَزْرَعَةً أَوْ نَحْوَهَا وَقَوْلِي أحدهما أولى من تعبيره بالمعدن الباطن وَبَعْضُهُمْ قَرَّرَ كَلَامَ الْأَصْلِ بِمَا لَا يَنْبَغِي فَاحْذَرْهُ " وَالْمَاءُ الْمُبَاحُ " كَالنَّهْرِ وَالْوَادِي وَالسَّيْلِ " يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهِ " بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا يَشَاءُ مِنْهُ لِخَبَرِ: " النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ " فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرْضَهُمْ مِنْهُ " أَيْ مِنْ الْمَاءِ الْمُبَاحِ " فَضَاقَ " الْمَاءُ عنهم وبعضهم أحيا أو لا " سَقَى الْأَوَّلُ " فَالْأَوَّلُ فَيَحْبِسُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْمَاءَ " إلَى " أَنْ يَبْلُغَ " الْكَعْبَيْنِ " لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ: " وَيُفْرَدُ كُلٌّ مِنْ مُرْتَفَعٍ وَمُنْخَفَضٍ بِسَقْيٍ " بِأَنْ يَسْقِيَ أَحَدَهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يَسُدَّ ثُمَّ يَسْقِيَ الْآخَرَ وَخَرَجَ بِضَاقَ مَا إذَا كان يفي الجميع فيسقي من شاء منهم متى شاء وتعبير بِالْأَوَّلِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَعْلَى وَمَنْ عَبَّرَ بِالْأَقْرَبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْيَا بُقْعَةً يَحْرِصُ عَلَى قُرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ مَا أَمْكَنَ لِمَا فِيهِ مِنْ سُهُولَةِ السَّقْيِ وَخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ وَقُرْبِ عُرُوقِ الْغِرَاسِ مِنْ الْمَاءِ وَمِنْ هُنَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ إنْ أَحْيَوْا دَفْعَةً أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ وَلَا يَبْعُدُ القول بالإقراع ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

" وَمَا أُخِذَ مِنْهُ " أَيْ مِنْ الْمَاءِ الْمُبَاحِ بِيَدٍ أَوْ ظَرْفٍ كَإِنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ مَسْدُودٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي إناء " ملك " كالاحتطاب والاحتشاش ولورده إلَى مَحَلِّهِ لَمْ يَصِرْ شَرِيكًا بِهِ وَخَرَجَ بِأَخْذِ الْمَاءِ الْمُبَاحِ الدَّاخِلُ فِي نَهْرٍ حَفَرَهُ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ لَكِنَّ مَالِكَ النَّهْرِ أَحَقُّ بِهِ كَالسَّيْلِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ " وَحَافِرُ بِئْرٍ بِمَوَاتٍ لِارْتِفَاقِهِ " بِهَا " أَوْلَى بِمَائِهَا حَتَّى يرتحل " لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فَإِذَا ارْتَحَلَ صَارَ كَغَيْرِهِ وَإِنْ عَادَ إلَيْهَا كَمَا لَوْ حَفَرَهَا بِقَصْدِ ارْتِفَاقِ الْمَارَّةِ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ فيها كغيره كما فهم ذلك من زيادتي ضَمِيرَ لِارْتِفَاقِهِ " وَ " حَافِرُهَا بِمَوَاتٍ " لِتَمَلُّكٍ أَوْ بِمِلْكِهِ مَالِكٌ لِمَائِهَا " لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ كَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ " وَعَلَيْهِ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْهُ " أَيْ عن حاجته مجانا وإن ملكه " لحلايوان " مُحْتَرَمٍ لَمْ يَجِدْ صَاحِبُهُ مَاءً مُبَاحًا وَثَمَّ كَلَأٌ مُبَاحٌ يُرْعَى وَلَمْ يَحُزْ الْفَاضِلَ فِي إنَاءٍ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَالْمُرَادُ بِالْبَذْلِ تَمْكِينُ صَاحِبِ الْحَيَوَانِ لَا الِاسْتِسْقَاءُ لَهُ وَدَخَلَ فِي حَاجَتِهِ حَاجَتُهُ لِمَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ بَذْلِ الْفَاضِلِ لِعَطَشِ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْهُمَا وَخَرَجَ بِالْحَيَوَانِ غَيْرُهُ كَالزَّرْعِ فَلَا يجب سقيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>