للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفضيل في عطية بعضه ولأصل رجوع فيما أعطاه بزيادته المتصلة إن بقي في سلطنته فيمتنع بزوالها لا بنحو رهنه وهبته قبل قبض ويحصل بنحو رجعت فيه أورددته إلى ملكي لا بنحو بيع وإعتاق ووطء والهبة إن أطلقت فلا ثواب وإن كانت لأعلى أو قيدت بثواب مجهول فباطلة أو بمعلوم فبيع وَظَرْفُ الْهِبَةِ إنْ لَمْ يُعْتَدْ رَدُّهُ كَقَوْصَرَّةِ تمر هبة وإلا فلا وحرم استعماله إلا في أكلها منه إن اعتيد.

ــ

أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ بِيَدِ الْمُتَّهَبِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْوَاهِبُ وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقِّ الْقَبْضِ كقبض الوديعة فاعتبر تحقيقه بخلاف المبيع " فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ " أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ " خَلَفَهُ وَارِثُهُ " فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِقْبَاضِ مِنْ زِيَادَتِي " وَكُرِهَ " لِمُعْطٍ " تَفْضِيلٌ فِي عَطِيَّةِ بَعْضِهِ " مِنْ فَرْعٍ أَوْ أَصْلٍ وإن بعد سواء الذكر وغيره لِئَلَّا يُفْضِيَ ذَلِكَ إلَى الْعُقُوقِ وَالشَّحْنَاءِ وَلِلنَّهْيِ عَنْهُ وَالْأَمْرِ بِتَرْكِهِ فِي الْفَرْعِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَإِنْ فضل الْأَصْلِ فَلْيَفْضُلْ الْأُمَّ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ التَّفْضِيلِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحَاجَةِ أَوْ عَدَمِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْكَرَاهَةِ مَعَ إفَادَةِ حُكْمِ التَّفْضِيلِ فِي الْأَصْلِ مِنْ زِيَادَتِي.

" وَلِأَصْلٍ رُجُوعٌ فِيمَا أَعْطَاهُ " لِفَرْعِهِ لِخَبَرِ: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ" رواه الترمذي والحاكم وصححاه وقيس بالولد كُلُّ مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ " بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ " كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَحَمْلٍ قَارَنَ الْعَطِيَّةَ وَإِنْ انْفَصَلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ كَوَلَدٍ وَكَسْبٍ وَكَذَا حَمْلُ حَادِثٍ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِ فَرْعِهِ وَلَوْ نَقَصَ رَجَعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَرْشِ النَّقْصِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ فِيمَا أَعْطَاهُ لقرعه " إنْ بَقِيَ فِي سَلْطَنَتِهِ فَيَمْتَنِعُ " الرُّجُوعُ " بِزَوَالِهَا " سَوَاءٌ أَزَالَتْ بِزَوَالِ مِلْكِهِ أَمْ لَا كَأَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ تَعَلَّقَ أَرْشُ جِنَايَةِ مَنْ أُعْطِيَهُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ وَسَوَاءٌ أَعَادَ الْمِلْكَ إلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّ مِلْكَهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ حَتَّى يُزِيلَهُ بِالرُّجُوعِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الْعَطِيَّةُ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ فَإِنَّ لَهُ الرجوع لبقاء السلطنة وَبِذَلِكَ عَرَفْت حِكْمَةَ التَّعْبِيرِ بِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ دُونَ بَقَاءِ الْمِلْكِ " لَا بِنَحْوِ رَهْنِهِ وَهِبَتِهِ قَبْلَ قَبْضٍ " فِيهِمَا كَتَعْلِيقِ عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَزِرَاعَتِهِ وَإِجَارَتِهِ لِبَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ بِخِلَافِهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَخَرَجَ بِالْأَصْلِ غَيْرُهُ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا أَعْطَاهُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ " ويحصل " الرجوع " بنحو رجعت فيه أورددته إلَى مِلْكِي " كَنَقَضْتُ الْهِبَةَ وَأَبْطَلْتهَا وَفَسَخْتهَا " لَا بِنَحْوِ بَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَوَطْءٍ " كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ لِكَمَالِ مِلْكِ الْفَرْعِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ إلَّا بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ إلَى آخِرِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَالْهِبَةُ إنْ أُطْلِقَتْ " بِأَنْ لَمْ تُقَيَّدْ بِثَوَابٍ وَلَا بِعَدَمِهِ " فَلَا ثَوَابَ " فِيهَا " وَإِنْ كَانَتْ لِأَعْلَى " مِنْ الْوَاهِبِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لا يقتضيه " أوقيدت بِثَوَابٍ مَجْهُولٍ " كَثَوْبٍ " فَبَاطِلَةٌ " لِتَعَذُّرِ تَصْحِيحِهَا بَيْعًا لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَهِبَةً لِذِكْرِ الثَّوَابِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ " أَوْ " قُيِّدَتْ "بِمَعْلُومٍ فَبَيْعٌ " نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى " وَظَرْفُ الْهِبَةِ إنْ لَمْ يتعد رَدُّهُ كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ " بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وِعَاؤُهُ الَّذِي يُكْنَزُ فِيهِ مِنْ خُوصٍ " هِبَةٌ " أَيْضًا " وَإِلَّا فَلَا " يَكُونُ هِبَةً عَمَلًا بِالْعَادَةِ " وَ " إذَا لَمْ يَكُنْ هِبَةً " حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ " لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ أَمَانَةٌ " إلَّا فِي أَكْلِهَا " أَيْ الْهِبَةِ " مِنْهُ إنْ اُعْتِيدَ " فَيَجُوزُ أَكْلُهَا مِنْهُ حِينَئِذٍ وَيَكُونُ عَارِيَّةً وتعبيري بالهبة أعم من تعبيره بالهدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>