للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد زوج عادت ببقيته ويقع في مرض موته ويتوارثان في عدة رجعي وفي القصد قصد لفظ طلاق لمعناه فلا يقع ممن حكى طلاق غيره وَلَا مِمَّنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ وَإِنْ نَوَاهُ وَلَا ممن سبق لسانه به ولا يصدق ظاهرا إلَّا بِقَرِينَةٍ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طالق ولم يقصد طلاقا ولمن اسمها طارق يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِدَاءً فَالْتَفَّ الْحَرْفُ ولو خاطبها بطلاق هازلا أو لاعبا أو ظنها أجنبية وقع.

فصل

تفويض طلاقها المنجز إليها ولو بكناية تمليك فيشترط تطليقها ولو بكناية فورا وله رجوع قبله فإن قال.

ــ

وَوُجِدَتْ لَمْ يَقَعْ " لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ وَإِلَّا فَلِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الَّذِي عُلِّقَ فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِصِفَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بدخول.

" وَلِحُرٍّ " طَلْقَاتٌ " ثَلَاثٌ " لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} ١ فأين الثالثة فقال: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ٢ " ولغير هـ" وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا " ثِنْتَانِ " فَقَطْ لِأَنَّ ذَلِكَ رُوِيَ فِي الْعَبْدِ الْمُلْحَقِ بِهِ الْمُبَعَّضِ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَمْ لَا وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ " فَمَنْ طَلَّقَ " مِنْهُمَا " دُونَ مَالِهِ " مِنْ الطَّلْقَاتِ هَذَا أَوْلَى من قوله ولو طلق دون الثلاث " وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ " لَهُ " بِبَقِيَّتِهِ " أَيْ بِبَقِيَّةِ مَالِهِ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجْ إلَى زَوْجٍ آخَرَ فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أمته المطلقة أما من طلق ماله فَتَعُودُ إلَيْهِ بِمَالِهِ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ.

" وَيَقَعُ " الطَّلَاقُ " فِي مَرَضِ مَوْتِهِ " كَمَا يَقَعُ فِي صِحَّتِهِ "وَيَتَوَارَثَانِ أَيْ الزَّوْجُ وَزَوْجَتُهُ " فِي عِدَّةِ " طَلَاقٍ " رَجْعِيٍّ " لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَصِحَّةِ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ وبوجوب النَّفَقَةِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَلَا يَتَوَارَثَانِ فِي عِدَّتِهِ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ " وَ " شَرْطٌ " فِي الْقَصْدِ " أَيْ لِلطَّلَاقِ " قَصْدُ لفظ طلاق لمعناه " بِأَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ " فَلَا يَقَعُ " مِمَّنْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ زَوْجَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَلَا " مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ " كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَمْثِيلِهِ بِطَلَاقِ النَّائِمِ لِأَنَّ حُكْمَهُ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِيمَا مَرَّ " وَلَا مِمَّنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ وَإِنْ نَوَاهُ وَلَا مِمَّنْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِهِ " لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ إلَيْهِ وَمَا جُهِلَ مَعْنَاهُ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ ثُمَّ قَصْدُ الْمَعْنَى إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ من قولي كغيري.

" وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا " فِي دَعْوَاهُ مَا يَمْنَعُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ " إلَّا بِقَرِينَةٍ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا " فَلَا تَطْلُقُ حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِقُرْبِهِ فَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ " وَ " كَقَوْلِهِ " لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقٌ " أَوْ طَالِبٌ أَوْ طَالِعٌ " يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِدَاءً فَالْتَفَّ الْحَرْفُ " فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فَلَا تَطْلُقُ لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَكَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك ثُمَّ قَالَ سَبَقَ لِسَانِي وَإِنَّمَا أَرَدْت طَلَبْتُك " وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ " مَثَلًا " هَازِلًا " بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دون معناه " أو لاعبا " بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَأَنْ تَقُولَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِهْزَاءِ أَوْ الدَّلَالِ طَلِّقْنِي فَيَقُولَ طَلَّقْتُك " أَوْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً " لِكَوْنِهَا فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ زَوَّجَهَا لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ أَوْ نَحْوَهَا " وَقَعَ " الطَّلَاقُ لِقَصْدِهِ إيَّاهُ وَإِيقَاعُهُ فِي مَحَلِّهِ وَفِي الْحَدِيثِ " ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ" وَقِيسَ بِالثَّلَاثِ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَإِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ وَلَا يُدَيَّنُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ.

فَصْلٌ: فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} ٣ إلَى آخِرِهِ.

" تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا الْمُنَجَّزُ " بِالرَّفْعِ " إلَيْهَا وَلَوْ بِكِنَايَةٍ " كَأَنْ يَقُولَ لَهَا طَلِّقِي أَوْ أبيني نفسك إن شئت " تمليك " للطلاق.


١ سورة البقرة الآية: ٢٢٩.
٢ سورة البقرة الآية: ٢٢٩.
٣ سورة الأحزاب الآية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>