للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لست بزان ليس قذفا وقوله زنيت بك إقرار بزنا وقذف ولو قال لزوجته يا زانية فقالت زَنَيْتُ بِك أَوْ أَنْت أَزَنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ وكانية أو زنيت وأنت أزنى مني فمقرة وقاذفة وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا حُدَّ أَوْ غَيْرَهُ عُزِّرَ وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ زِنًا وَوَطْءِ مَحْرَمٍ مملوكة ودبر حليلة فإن فعل لم يحد قاذفه أو ارتد حد ويرث موجب قذف كل الورثة ويسقط بعفو ولو عفا بعضهم فللباقي كله.

ــ

" وَلِوَلَدِهِ لَسْت ابْنِي " بِخِلَافِهِ فِي وَلَدِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْأَبَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ يُحْمَلُ مَا قَالَهُ عَلَى التَّأْدِيبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَيُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ مِنْ زنا فقاذف لأمه أو أنه لَا يُشْبِهُنِي خُلُقًا أَوْ خَلْقًا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ " وَتَعْرِيضِهِ كَيَا ابْنَ الْحَلَالِ وَأَنَا لَسْت بِزَانٍ لَيْسَ قَذْفًا " وَإِنْ نَوَاهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيَّ وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا وَمَا يُفْهَمُ وَيُتَخَيَّلُ مِنْهُ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَاللَّفْظُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْقَذْفُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَهُ فَصَرِيحٌ وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فتعريض " وَقَوْلُهُ " لِغَيْرِهِ " زَنَيْتُ بِكِ إقْرَارٌ بِزِنًا " عَلَى نَفْسِهِ " وَقَذْفٍ " لِلْمُخَاطَبِ " وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ " جَوَابًا " زَنَيْتُ بِك أَوْ أَنْت أَزَنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ " لَهَا لِإِتْيَانِهِ بِلَفْظِ الْقَذْفِ الصريح " وكانية " في قذفه لاحتمال أن يريد إثْبَاتَ الزِّنَا فَتَكُونُ فِي الْأُولَى مُقِرَّةٌ بِهِ وَقَاذِفَةٌ لِلزَّوْجِ وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ وَيُعَزَّرُ وَتَكُونُ فِي الثَّانِيَةِ قَاذِفَةً فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنْتَ زَانٍ وَزِنَاك أَكْثَرُ مِمَّا نَسَبْتنِي إلَيْهِ وأن تريد نفي الزنا أي لم يطأني غَيْرُك وَوَطْؤُك بِنِكَاحٍ فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ زَانٍ أَيْضًا أَوْ أَزَنَى مِنِّي فَلَا تَكُونُ قَاذِفَةً وَتُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهَا ذَلِكَ بِيَمِينِهَا " أَوْ " قَالَتْ جَوَابًا أَوْ ابْتِدَاءً " زَنَيْتُ وَأَنْتَ أَزَنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ " بِالزِّنَا " وَقَاذِفَةٌ " لَهُ وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ.

" وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا حُدَّ " لآية: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} ١ أَوْ غَيْرِهِ عُزِّرَ لِأَنَّهُ أَتَى مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَقْذُوفُ فِيهِمَا زَوْجَةً أَمْ لَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْحَدِّ وَشَرْطِهِ فِي بَابِهِ وَبَيَانُ التَّعْزِيرِ فِي آخِرِ الْأَشْرِبَةِ " وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ " وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ " حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ زِنًا وَوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ " لَهُ ووطء " دُبُرِ حَلِيلَةٍ " لَهُ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ أَوْ وطئ وطأ غَيْرَ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَنْ زَنَى أَوْ وَطِئَ حَلِيلَتَهُ فِي دُبُرِهَا أَوْ مَحْرَمًا مَمْلُوكَةً لَهُ كَأُخْتِهِ أَوْ عَمَّتِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْعِفَّةَ لَا تَبْطُلُ بِوَطْئِهِ زَوْجَتَهُ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ أَوْ الْمُعْتَدَّةَ أَوْ أَمَةَ وَلَدِهِ أَوْ مَنْكُوحَةً بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ وَإِنْ كان حراما لانتفاء ماذكر وَلِقِيَامِ الْمِلْكِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِأَقْسَامِهِمَا وَقَوْلِي وَدُبُرِ حَلِيلَةٍ مِنْ زِيَادَتِي " فَإِنْ فَعَلَ " شَيْئًا من ذلك بأن وطئ وطأ يُسْقِطُ الْعِفَّةَ لَمْ يُعَدَّ مُحْصَنًا وَإِنْ تَابَ وحسن حاله " ولم يحد قاذفه " لأن العرض إذا انحزم بِذَلِكَ لَمْ تَنْسَدَّ ثُلْمَتُهُ سَوَاءٌ أَقَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَا مَثَلًا أَمْ بِزِنًا آخَرَ أَمْ أَطْلَقَ " أَوْ ارْتَدَّ حُدَّ " قَاذِفُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزِّنَا مَثَلًا يُكْتَمُ مَا أَمْكَنَ فَظُهُورُهُ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ غَالِبًا وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ وَالْعَقِيدَةُ لَا تخفى غالبا فاظهارها يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْإِخْفَاءِ غَالِبًا وَتَعْبِيرِي بِفِعْلٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِزِنًى.

" وَيَرِثُ مُوجَبَ قَذْفٍ " بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ " كُلُّ الْوَرَثَةِ " حَتَّى الزَّوْجَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ لِتَوَقُّفِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى مُطَالَبَةِ الْآدَمِيِّ بِهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ رَقِيقًا وَمَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ التَّعْزِيرِ اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُهُ " وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ " عَنْهُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ الْمَقْذُوفِ بِأَنْ قَذَفَ حَيًّا ثُمَّ عَفَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَبِإِرْثِ الْقَاذِفِ لَهُ " وَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ " عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ " فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ " أَيْ اسْتِيفَاءُ كُلِّهِ لِأَنَّهُ الحق ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَفَارَقَ الْقَوَدَ حَيْثُ يَسْقُطُ كُلُّهُ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ لِلْقَوَدِ بَدَلًا يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَةُ بِخِلَافِ مُوجَبِ الْقَذْفِ وَلِأَنَّ مُوجَبَهُ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بَدَلًا وَالْقَوَدُ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُبَعَّضًا وَلِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِطَلَبِهِ الْكُلَّ وَاسْتِيفَائِهِ سَوَاءٌ أَحَضَرَ الْبَاقُونَ وَكَمَّلُوا أَمْ لَا وَتَعْبِيرِي بِالْمُوجَبِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بالحد.


١ سورة النور الآية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>