للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل:

تجب سكنى لمعتدة فرقة تجب نفقتها لو لم تفارق في مسكن كانت به عند الفرقة ولو من نحو شعر ولا تخرج إلَّا لِعُذْرٍ كَشِرَاءِ غَيْرِ مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ نحو طعام نهارا وغزلها ونحوه عند جارتها ليلا إن باتت ببيتها وكخوف وشدة تأذيها بجيران أو عكسه ولو انتقلت لبلد أو مسكن بإذن فوجبت عدة ولو قبل وصولها اعتدت فيه أو بلا إذن ففي الأول كما لو أذن فوجبت قبل خروجها أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ فَوَجَبَتْ فِي طَرِيقٍ فَعَوْدُهَا أولى ويجب بعد انقضاء حاجتها أو مدة.

ــ

فَصْلٌ: فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ.

" تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ فُرْقَةٍ " بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ وَفَاةٍ لِقَوْلِهِ تعالى في الطلاق: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} ١ وَقِيسَ بِهِ الْفَسْخُ بِأَنْوَاعِهِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ فِي الْحَيَاةِ وَلِخَبَرِ فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ فِي الْوَفَاةِ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا حَيْثُ " تَجِبُ نَفَقَتُهَا " عَلَى الزَّوْجِ " لَوْ لَمْ تُفَارِقْ " فَلَا تَجِبُ سُكْنَى لِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ نَاشِزَةٍ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَصَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَأَمَةٍ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا كَمَا لَا تَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا نَاشِزَةً وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فِي مُعْتَدَّةِ فَسْخٍ أَوْ وَفَاةٍ وَحَيْثُ لَا تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةٍ فَلِلزَّوْجِ أو وارثه إسكانها حفظا لما به وعليها الإجابة وحيث لا تركة وَلَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ بِالسُّكْنَى سُنَّ لِلسُّلْطَانِ إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَمُعْتَدَّةِ نَحْوِ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَهِيَ حَائِلٌ دُونَ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَيْهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ كَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهَا قَبْلَهَا وَالنَّفَقَةُ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ انْقَطَعَتْ وَإِذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى فَإِنَّمَا تَجِبُ " فِي مَسْكَنٍ " لَائِقٍ بِهَا " كَانَتْ بِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ وَلَوْ " كَانَ " مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ " كَصُوفٍ مُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَفِي الباقين قوة وعدد تخيرت بين الإقامةوالإرتحال كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْعُذْرِ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ وَنَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي.

" وَلَا تَخْرُجُ " مِنْهُ وَلَوْ رَجْعِيَّةً وَلَا تَخْرُجُ هِيَ مِنْهُ وَلَوْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى خُرُوجِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمَنْعُ مِنْهُ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ قَالَ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} ٢ وَمَا ذَكَرْته فِي الرَّجْعِيَّةِ هُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَفِي الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ لأنها في حكم الزوجة وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ " إلَّا لِعُذْرٍ كَشِرَاءِ غَيْرِ مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ " عَلَى الْمُفَارِقِ " نَحْوُ طَعَامٍ " كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ " نَهَارًا وَغَزْلُهَا وَنَحْوُهُ " كَحَدِيثِهَا وَتَأَنُّسِهَا " عِنْدَ جَارَتِهَا لَيْلًا إنْ " رَجَعَتْ وَ " بَاتَتْ بِبَيْتِهَا " لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ أَمَّا مَنْ بها نَفَقَةٌ كَرَجْعِيَّةٍ وَحَامِلٍ بَائِنٍ فَلَا يَخْرُجَانِ لِذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ كَالزَّوْجَةِ إذْ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا نَعَمْ لِلثَّانِيَةِ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ.

" وَكَخَوْفٍ " عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مِنْ نَحْوِ هَدْمٍ وَغَرَقٍ وَفَسَقَةٍ مُجَاوِرِينَ لَهَا وَهَذَا أعم من قوله لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهَا " وَشِدَّةِ تَأَذِّيهَا بِجِيرَانٍ أَوْ عَكْسِهِ " أَيْ شِدَّةِ تَأَذِّيهِمْ بِهَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَذَى الْيَسِيرِ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ وَهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ نَعَمْ إن اشتد أذاها لهم أو عكسه وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ لِأَنَّ الْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمَا " وَلَوْ انْتَقَلَتْ لِبَلَدٍ أَوْ مَسْكَنٍ بِإِذْنٍ " مِنْ الزَّوْجِ " فَوَجَبَتْ عِدَّةٌ وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا " إلَيْهِ " اعْتَدَّتْ فِيهِ " لِأَنَّهَا مأمورة بالمقام فيه سواء أحولت الأمتعة من الْأُوَلَ أَمْ لَا " أَوْ " انْتَقَلَتْ لِذَلِكَ " بِلَا إذْنٍ فَفِي الْأَوَّلِ " تَعْتَدُّ وَإِنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا لِلثَّانِي لِعِصْيَانِهَا بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ انْتِقَالِهَا أَنْ تُقِيمَ فِي الثَّانِي فَكَمَا لَوْ انْتَقَلَتْ بِالْإِذْنِ " كَمَا لَوْ أَذِنَ " فِي الِانْتِقَالِ " فَوَجَبَتْ " أَيْ الْعِدَّةُ " قَبْلَ


١ سورة الطلاق الآية: ٦.
٢ سورة الطلاق الآية: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>