للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللبأ ثم إنْ انْفَرَدَتْ هِيَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ أو وجدتا لم تجبر هي فإن رغبت فليس لأبيه منعها لا إن طلبت فوق أجرة مثل أو تبرعت أجنبية أو رضيت بأقل دونها ومن استوى فرعاه موناه فالأقرب فالوارث فإن تفاوتا إرثا مونا سواء ومن له أبوان فعلى الأب أو أجداد وجدات فالأقرب أو أصل وفرع فالفرع أو محتاجون قدم الأقرب.

ــ

فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ١ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْ أُجْرَةُ إرْضَاعِ الْوَلَدِ كانت كفايته ألزم وقيس بذلك الأول بحامع الْبَعْضِيَّةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَصْلِ أَعْظَمُ وَالْفَرْعُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} ٢ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهَا شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَاضِلُ لَا يَكْفِي أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ لَا يلزمه للمبعض منهما إلا بالقسط وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُمَا لَوْ قَدَرَا عَلَى كَسْبٍ لَائِقٍ بِهِمَا وَجَبَتْ لِأَصْلٍ لَا فَرْعٍ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ وَلِأَنَّ فَرْعَهُ مَأْمُورٌ بِمُصَاحَبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ السن وَأَنَّهُ يُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ لِشَبَهِهَا بِهِ وَفِي كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُبَاعُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ يَشُقُّ وَلَكِنْ يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يسهل بيع العقار له وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَفَقَةِ الْعَبْدِ الثَّانِيَ فَلْيُرَجَّحْ هُنَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ قَالَ وَلَا يَنْبَغِي قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْعَقَارِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ وَبِالْكِفَايَةِ وَبِالْعَجْزِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَقَوْلِي وَلَيْلَتَهُ وَيَلِيقُ مِنْ زيادتي.

" وَلَا تَصِيرُ بِفَوْتِهَا دَيْنًا " عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لا يجب فيها تمليك " إلا باقتراض قَاضٍ " بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ " لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ " فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَعَدَلْتُ عَنْ تَعْبِيرِهِ بِفَرْضِ الْقَاضِي بِالْفَاءِ إلَى تَعْبِيرِي بِاقْتِرَاضِهِ بِالْقَافِ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وبذلك لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِإِذْنِهِ فِي الِاقْتِرَاضِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ " وَعَلَى أُمِّهِ " أَيْ الْوَلَدِ " إرْضَاعُهُ اللِّبَأَ " بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ بِأُجْرَةٍ وَبِدُونِهَا لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ غَالِبًا إلَّا بِهِ وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ " ثُمَّ " بَعْدَ إرْضَاعِهِ اللِّبَأَ " إنْ انْفَرَدَتْ هِيَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ " عَلَى الْمَوْجُودَةِ مِنْهُمَا " أَوْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ هِيَ " عَلَى إرْضَاعِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} ٣ فَإِنْ رَغِبَتْ فِي إرْضَاعِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ أَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ أَبِيهِ " فَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُهَا " إرْضَاعَهُ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ وَخَرَجَ بِأَبِيهِ غَيْرُهُ كَأَنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ غَيْرِ أَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا " لا بِأَقَلَّ " مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ " دُونِهَا " أَيْ الْأُمِّ فله منعها من ذلك لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} ٤ وَدُونِهَا مِنْ زِيَادَتِي.

" وَمَنْ اسْتَوَى فَرْعَاهُ " فِي قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ ذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ " مَوَّنَاهُ " بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ أَوْ أَيْسَرَ أَحَدُهُمَا بمال والآخر بكسب فإن غاب أحدهما أخذ قَسَّطَهُ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مال اقترض عليه فإن لم يكن أَمَرَ الْحَاكِمُ الْحَاضِرَ مَثَلًا بِالتَّمْوِينِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ عَلَى مَالِهِ إذَا وَجَدَهُ " فَ " إنْ اخْتَلَفَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ وَالْآخَرُ وَارِثًا مَوَّنَ " الْأَقْرَبُ " وَإِنْ كَانَ أُنْثَى غَيْرَ وَارِثٍ لِأَنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ " فَ " إنْ اسْتَوَيَا قُرْبًا مَوَّنَ " الْوَارِثُ " لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ " فَإِنْ تَفَاوَتَا " أَيْ الْمُتَسَاوِيَانِ فِي الْقُرْبِ " إرْثًا " كَابْنٍ وَبِنْتٍ " مَوَّنَا سَوَاءً " لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الإرث.


١ سورة الطلاق الآية: ٦.
٢ سورة العنكبوت الآية: ٨.
٣ سورة الطلاق الآية: ٦.
٤ سورة البقرة الآية: ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>