للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

عليه كفاية رقيقه غير مكاتبه من غالب عادة أرقاء البلد فلا يكفي ستر عورة ببلادنا وسن أن يناوله مما يتنعم به وتسقط بمضي الزمن ويبيع قاض فيها ماله فإن فقد أمره بإيجاره أو بإزالة ملكه وله إجبار أمته على إرضاع ولدها وكذا غيره إن فضل وعلى فطمه قبل حولين وإرضاعه بعدهما إن لم يضر ولحرة حق في تربيته فليس.

ــ

فَصْلٌ: فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَعَهَا.

" عَلَيْهِ " أَيْ الْمَالِكِ " كِفَايَةُ رَقِيقِهِ غَيْرِ مُكَاتَبِهِ " مُؤْنَةً مَنْ قُوتٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ وَمَاءِ طَهَارَةٍ وَغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَ أَعْمَى زَمِنًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ آبِقًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: " لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ " وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْمُكَاتَبِ وَلَوْ كِتَابَةً فَاسِدَةً لِاسْتِقْلَالِهِ بالكسب واستثناؤه من زيادتي واطلاقي الْكِفَايَةِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهَا بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ " مِنْ غَالِبِ عَادَةِ أَرِقَّاءِ الْبَلَدِ " مِنْ بُرٍّ وشعير وزيت وقطن وصوف وكتان وَغَيْرِهَا لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ " لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ " قَالَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ وَيُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ وَخَسِيسِهِ وَتُفَضَّلُ ذَاتُ الْجَمَالِ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْمُؤْنَةِ " فَلَا يَكْفِي سِتْرُ عَوْرَةٍ " لَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَحْقِيرًا وَقَوْلِي " بِبِلَادِنَا " مِنْ زِيَادَتِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ احْتِرَازًا عَنْ بِلَادِ السُّودَانِ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ.

" وَسُنَّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يُتَنَعَّمُ بِهِ " مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَحْمُولِ عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْلِسَهُ مَعَهُ لِلْأَكْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ رَوَّغَ لَهُ لُقْمَةً تَسُدُّ مَسَدًا لَا صغيرة تثير الشهوة ولا تقضي النهمة وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ بِهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً فَلَيْسَ له الاقتصارفي رقيقه على ذلك بل يلزمه زيه الْغَالِبِ وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ نُدِبَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا عُلِمَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِهِ وَلْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ" قَالَ الرَّافِعِيُّ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ مَطَاعِمُهُمْ وَمُلَابِسُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ علم حاله فأجاب بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ.

" وَتَسْقُطُ " كِفَايَةُ الرَّقِيقِ " بِمُضِيِّ الزَّمَنِ " فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِمَا مَرَّ فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ بِجَامِعِ وُجُوبِ مَا ذُكِرَ بِالْكِفَايَةِ " وَيَبِيعُ قَاضٍ فِيهَا مَالَهُ " أَوْ يُؤَجِّرَهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا وَمِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الرقيق بعد أمر لَهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ غَابَ كَمَا فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ بَيْعُ مَالِهِ أَوْ إيجَارُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كَعَقَارٍ اسْتَدَانَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يُسَهِّلُ الْبَيْعَ أَوْ الْإِيجَارَ له ثم باع أو آجر منه ما يَفِي بِهِ لِمَا فِي بَيْعِهِ أَوْ إيجَارِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ الْمَشَقَّةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يباع بعد استدانة فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ بَعْضِهِ وَلَا إيجَارُهُ وَتَعَذَّرَتْ الِاسْتِدَانَةُ بَاعَ جَمِيعَهُ أَوْ أَجَّرَهُ " فَإِنْ فُقِدَ " مَالُهُ " أَمَرَهُ " الْقَاضِي " بِإِيجَارِهِ أَوْ بِإِزَالَةِ ملكه " عنه بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ إعْتَاقٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْقَاضِي أَوْ آجَرَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكِفَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَمْرِهِ بِأَحَدِهِمَا قُدِّمَ الْإِيجَارُ وَذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِيجَارِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِبَيْعِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَيُخَلِّيهَا تَكْتَسِبُ وَتُمَوِّنُ نَفْسَهَا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُؤْنَتُهَا بِالْكَسْبِ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

" وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا " مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ " وَكَذَا غَيْرُهُ " أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا " إنْ فَضَلَ " عَنْهُ لَبَنُهَا لِذَلِكَ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدُهَا مِنْهُ وَلَا مَمْلُوكُهُ فَلَهُ أَنْ يُرْضِعَهَا مَنْ شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ هَذَا الْوَلَدِ لَبَنُهَا لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ مَالِكِهِ " وَ " لَهُ إجْبَارُهَا " عَلَى فَطْمِهِ قَبْلَ " مُضِيِّ " حَوْلَيْنِ وَ " عَلَى " إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّ " أَيْ الْفَطْمُ أَوْ الْإِرْضَاعُ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَهِيَ مِلْكُهُ وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ وَفِي الثَّانِيَةِ لَبَنُهَا وَمَنَافِعُهَا لَهُ وَلَا ضَرَرَ فَإِنْ حَصَلَ ضَرَرٌ لِلْوَلَدِ أَوْ لِلْأَمَةِ أولهما فَلَا إجْبَارَ وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِفَطْمٍ وَلَا إرْضَاعٍ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي التَّرْبِيَةِ وَقَوْلِي إنْ لَمْ يَضُرَّ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأُولَى إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَفِي الثَّانِيَةِ إن لم يضرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>