للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن انفصل حيا فإن مات عقبه أو دام ألمه فمات فدية وإلا فلا ضمان والغرة رقيق مميز بلا عيب مبيع وهرم يبلغ عشر دية الأم وتفرض كأب دينا إن فضلها فيه فالعشر فقيمته لورثة جنين وَفِي جَنِينٍ رَقِيقٍ عُشْرِ أَقْصَى قِيَمِ أُمِّهِ مِنْ جِنَايَةٍ إلَى إلقاء لسيده وتقوم سليمة والواجب على عاقلة.

فصل:

على غير حربي وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَرَقِيقًا وَمُعَاهِدًا وَشَرِيكًا وَمُرْتَدًّا كفارة بقتله معصوما عليه ولو معاهدا وجنينا وعبده ونفسه.

ــ

أَوْ انْفَصَلَ وَظَهَرَ لَحْمٌ لَا صُورَةَ فِيهِ أو كانت أمه ميتة أو كان هوغير مَعْصُومٍ عِنْدَ الْجِنَايَةِ كَجَنِينِ حَرْبِيَّةٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ وَظُهُورِ مَوْتِهِ بِمَوْتِهَا فِي الثَّالِثَةِ وَعَدَمِ الِاحْتِرَامِ فِي الرَّابِعَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِاعْتِبَارِ وُقُوعِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيَّةِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِعِصْمَةِ جَنِينِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَقْيِيدِي لَهُ بِهَا أَوْلَى مِنْ تقييد من قيد أمه بها لا يهام ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَنَى عَلَى حَرْبِيَّةٍ جَنِينُهَا مَعْصُومٌ حِينَئِذٍ لَا شَيْءَ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

" وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ عَقِبَهُ " أَيْ عقب انفصاله " أو دام ألمه فمات فَدِيَةٌ " لِأَنَّا تَيَقَّنَّا حَيَاتَهُ وَقَدْ مَاتَ بِالْجِنَايَةِ " وَإِلَّا " بِأَنْ بَقِيَ زَمَنًا وَلَا أَلَمَ بِهِ ثم مات " فَلَا ضَمَانَ " فِيهِ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مَوْتَهُ بِالْجِنَايَةِ " وَالْغُرَّةُ رَقِيقٌ " وَلَوْ أَمَةً " مُمَيِّزٌ بِلَا عَيْبِ مَبِيعٍ " لِأَنَّ الْغُرَّةَ الْخِيَارُ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَعِيبِ لَيْسَا مِنْ الْخِيَارِ وَاعْتُبِرَ عَدَمُ عَيْبِ المبيع كإبل الدية لأنه حق آدمي لو حظ فِيهِ مُقَابَلَةُ مَا فَاتَ مِنْ حَقِّهِ فَغُلِّبَ فِيهِ شَائِبَةُ الْمَالِيَّةِ فَأَثَّرَ فِيهَا كُلُّ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَالِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْكَفَّارَةَ وَالْأُضْحِيَّةَ " وَ " بِلَا " هَرَمٍ " فَلَا يُجْزِئُ رَقِيقٌ هَرِمٌ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِيهَا لفظ الرقبة " يبلغ " أي الرقيق أي قيمته " عُشْرَ دِيَةِ الْأُمِّ " فَفِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ رَقِيقٌ تبلغ قيمته خمس أَبْعِرَةٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ " وَتُفْرَضُ " أَيْ الْأُمُّ " كَأَبٍ دِينَا إنْ فَضَلَهَا فِيهِ " فَفِي جَنِينٍ بَيْنَ كِتَابِيَّةٍ وَمُسْلِمٍ تُفْرَضُ الْأُمُّ مُسْلِمَةً " فَ " إنْ فُقِدَ الرَّقِيقُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَجَبَ " الْعُشْرُ " مِنْ دِيَةِ الْأُمِّ " فَ " إنْ فُقِدَ الْعُشْرُ بِفَقْدِ الْإِبِلِ وَجَبَ " قِيمَتُهُ " كَمَا فِي إبِلِ الدِّيَةِ وَهَذَا مَعَ ذِكْرِ الْفَرْضِ مِنْ زِيَادَتِي وَالْغُرَّةُ " لِوَرَثَةِ جَنِينٍ " لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى غُرَّةِ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ.

" وَفِي جَنِينٍ رَقِيقٍ عُشْرِ أَقْصَى قِيَمِ أُمِّهِ مِنْ جِنَايَةٍ إلَى إلْقَاءٍ " أَمَّا وُجُوبُ الْعُشْرِ فَعَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ الْغُرَّةِ فِي الْحُرِّ بِعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ الْمُسَاوِي لِنِصْفِ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ وَأَمَّا وُجُوبُ الْأَقْصَى وَهُوَ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَعَلَى وِزَانِ الْغَصْبِ وَالْأَصْلُ اقْتَصَرَ عَلَى اعْتِبَارِ عُشْرِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ " لِسَيِّدِهِ " لِمِلْكِهِ إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِأُمِّهِ فَقَوْلِي لِسَيِّدِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِسَيِّدِهَا " وَتُقَوَّمُ " الْأُمُّ " سَلِيمَةً " سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَاقِصَةً وَالْجَنِينُ سَلِيمٌ أَمْ بِالْعَكْسِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِسَلَامَتِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي فَلِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَاللَّائِقُ الِاحْتِيَاطُ وَالتَّغْلِيظُ " وَالْوَاجِبُ " مِنْ الْغُرَّةِ وَعُشْرُ الْأَقْصَى " عَلَى عَاقِلَةٍ " لِلْجَانِي لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ لَا عَمْدَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلَا حَيَاتُهُ حَتَّى يَقْصِدَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَتْ حَامِلَانِ فَأَلْقَتَا جَنِينَيْنِ لَزِمَ عَاقِلَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ غرتي جنينهما لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا لَزِمَ عَاقِلَتَهَا الْغُرَّةُ كَمَا لَوْ جَنَتْ عَلَى حَامِلٍ أُخْرَى فَلَا يُهْدَرُ مِنْهَا شَيْءٌ بخلاف الدية لأن الجنين أجنبي عنهما.

فَصْلٌ: فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ١ وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ٢.

تَجِبُ " عَلَى غَيْرِ حَرْبِيٍّ " لَا أَمَانَ لَهُ " وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَرَقِيقًا وَمُعَاهِدًا وَشَرِيكًا وَمُرْتَدًّا كَفَّارَةٌ بِقَتْلِهِ " وَلَوْ خَطَأً أَوْ بِتَسَبُّبٍ أَوْ شَرْطٍ " مَعْصُومًا عَلَيْهِ وَلَوْ مُعَاهِدًا وَجَنِينًا " وَمُرْتَدًّا "وَعَبْدَهُ وَنَفْسَهُ " وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُمَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تجب لحق الله تعالى.


١ سورة النساء الآية: ٩٢.
٢ سورة النساء الآية: ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>