للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بزناها وأربع بأنها عذراء فلا حد ويستوفيه الإمام من حر ومكاتب ومبعض وسن حضوره كالشهود ويحد الرقيق الإمام أو السيد ولو فاسقا أو مكاتبا فإن تنازعا فالإمام ولسيده تعزيره وسماع بينة بعقوبته إن كان أهلا.

ــ

الْعَذَابِ} ١ وَلَا يُبَالِي بِضَرَرِ السَّيِّدِ فِي عُقُوبَاتِ الْجَرَائِمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِرِدَّتِهِ وَيُحَدُّ بِقَذْفِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ السَّيِّدُ نَعَمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا حَدَّ عَلَى الرَّقِيقِ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْأَحْكَامَ بِالذِّمَّةِ إذْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْمُعَاهِدِ وَالْمُعَاهِدُ لَا يُحَدُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ لِلْكَافِرِ أَنْ يَحُدَّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ تَابِعٌ لِسَيِّدِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُ بِخِلَافِ الْمُعَاهِدِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْتِزَامِ الْجِزْيَةِ عَدَمُ الْحَدِّ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ وظاهر أن ما مر ثُمَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَتَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِمَا مَرَّ مَعَ مَا ذُكِرَ مَعَهُ يَأْتِي هُنَا.

" وَيَثْبُتُ " الزِّنَا " بِإِقْرَارٍ " حَقِيقِيٍّ " وَلَوْ مَرَّةً " لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرُوِيَ هُوَ وَالْبُخَارِيُّ خبر واغد يا أنيس إلى إمرأة هذه فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا عَلَّقَ الرَّجْمَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاعْتِرَافِ وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ عَلَى مَاعِزٍ فِي خَبَرِهِ لأنه شك في عقله ولهذا قال أبك جُنُونٌ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْإِقْرَارِ مُفَصَّلًا كَالشَّهَادَةِ " أَوْ بينة " لآية: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} ٢ وَكَذَا بِلِعَانِ الزَّوْجِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ كَمَا مَرَّ فَلَا يَثْبُتُ بِعِلْمِ الْقَاضِي فَلَا يَسْتَوْفِيهِ بِعِلْمِهِ أَمَّا السَّيِّدُ فَيَسْتَوْفِيه مِنْ رَقِيقِهِ بِعِلْمِهِ لِمَصْلَحَةِ تَأْدِيبِهِ " وَلَوْ أَقَرَّ " بِالزِّنَا " ثُمَّ رَجَعَ " عَنْ ذَلِكَ " سَقَطَ " الْحَدُّ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّضَ لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ لَعَلَّك قَبَّلْت لَعَلَّك لَمَسْت أَبِكَ جُنُونٌ " لَا إنْ هَرَبَ أَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي " فَلَا يَسْقُطُ لِوُجُودِ مُثْبِتِهِ مَعَ عَدَمِ تصريحه برجوعه لَكِنْ يُكَفُّ عَنْهُ فِي الْحَالِ فَإِنْ رَجَعَ فَذَاكَ وَإِلَّا حُدَّ وَإِنْ لَمْ يُكَفَّ عَنْهُ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ شَيْئًا أَمَّا الْحَدُّ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ كَمَا لَا يَسْقُطُ هُوَ وَلَا الثَّابِتُ بِالْإِقْرَارِ بِالتَّوْبَةِ.

" وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ " مِنْ الرِّجَالِ " بِزِنَاهَا وَأَرْبَعٌ " مِنْ النِّسْوَةِ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ " بِأَنَّهَا عَذْرَاءُ " بِمُعْجَمَةٍ أَيْ بِكْرٌ سُمِّيَتْ عَذْرَاءُ لِتَعَذُّرِ وَطْئِهَا وَصُعُوبَتِهِ " فَلَا حَدَّ " عَلَيْهَا لِلشُّبْهَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْعَذْرَاءِ أنها لم توطأ ولا على قاذفها القيام بالبينة بِزِنَاهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعُذْرَةَ زَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ لِتَرْكِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِافْتِضَاضِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} ٣ وَقَوْلِي فَلَا حَدَّ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ تُحَدَّ هِيَ وَلَا قَاذِفُهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ حُدَّتْ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ " وَيَسْتَوْفِيهِ " أي الحد " الإمام " ولو بناثبه " مِنْ حُرٍّ " لِمَا مَرَّ " وَمُكَاتَبٍ " كَالْحُرِّ لِاسْتِقْلَالِهِ " وَمُبَعَّضٍ " لِجُزْئِهِ الْحُرِّ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ وَالْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَعَبْدِ بَيْتِ الْمَالِ " وَسُنَّ حُضُورُهُ " أَيْ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ سَوَاءٌ أَثَبَتَ الزِّنَا بِالْإِقْرَارِ أَمْ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ وَلَمْ يَحْضُرْ.

" كَالشُّهُودِ " فَيُسَنُّ حُضُورُهُمْ قَالُوا وَحُضُورُ جَمْعٍ أقلهم أربعة الظاهر أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَلَمْ تَحْضُرْ " وَيَحُدُّ الرَّقِيقَ " غَيْرَ الْمُكَاتَبِ " الْإِمَامُ " لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ " أَوْ السَّيِّدُ " وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَسْتَرُ " وَلَوْ فَاسِقًا " أَوْ كَافِرًا وَرَقِيقُهُ كَافِرٌ " أَوْ مُكَاتَبًا " لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم" نَعَمْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ سَفَهٍ يَقُومُ وَلِيُّهُ وَلَوْ وَصِيًّا وَقَيِّمًا مَقَامَهُ " فَإِنْ تَنَازَعَا " فِيمَنْ يحد " فَالْإِمَامُ " أَوْلَى لِمَا مَرَّ " وَلِسَيِّدِهِ تَعْزِيرُهُ " لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِحَقِّ غَيْرِهِ كَمَا يُؤَدِّبُهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ " وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ بِعُقُوبَتِهِ " أَيْ بِمُوجِبِهَا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ كَانَ أَهْلًا " لِسَمَاعِهَا بِأَنْ كَانَ رَجُلًا عَدْلًا عَالِمًا بِصِفَاتِ الشُّهُودِ وَأَحْكَامِ العقوبة.


١ سورة النساء الآية: ٢٥.
٢ سورة النساء الآية: ١٥.
٣ سورة البقرة الآية: ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>