للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغ المأمن وفي المكان قبوله فيمنع كافر إقامة بالحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة وطرقها وقراها فلو دخله بلا إذن إمام أخرجه وعزر عالما بالتحريم ولا يأذن له إلَّا لِمَصْلَحَةٍ لَنَا كَرِسَالَةٍ وَتِجَارَةٍ فِيهَا كَبِيرُ حاجة وإلا فلا يأذن له إلا بشرط أخذ شيء منها ولا يقيم إلا ثلاثة فإن مرض فيه وشق نقله أو خيف منه ترك فإن مات وشق نقله دفن ثم ولا يدخل حرم مكة فإن كان رسولا خرج له إمام يَسْمَعُهُ فَإِنْ مَرِضَ أَوْ مَاتَ فِيهِ نُقِلَ وفي المال كونه دينارا فأكثر.

ــ

الْبُخَارِيِّ السَّابِقَيْنِ وَتَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ أَمَّا إذَا عَلِمْنَا تَمَسُّكَ الْجَدِّ بِهِ بَعْدَ نَسْخِهِ كَمَنْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَلَا تُعْقَدُ الْجِزْيَةُ لِفَرْعِهِ لِتَمَسُّكِهِ بِدَيْنٍ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ وَلَا لِمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ ولا شبهة كعبدة الأوثان والشمس والملائكة وحكم السامرة والصائبة هُنَا كَهُوَ فِي النِّكَاحِ إلَّا أَنْ يُشْكِلَ أَمْرُهُمْ فَيُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وأولى من تعبيره بما ذكره " حرا غير صبي ومجنون " ولو سكران وَزَمِنًا وَهَرِمًا وَأَعْمَى وَرَاهِبًا وَأَجِيرًا وَفَقِيرًا لِأَنَّ الْجِزْيَةَ كَأُجْرَةِ الدَّارِ وَلِأَنَّهَا تُؤْخَذُ لِحَقْنِ الدَّمِ فَلَا جِزْيَةَ عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى وَخُنْثَى وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَحْقُونُ الدَّمِ وَالْآيَةُ السَّابِقَةُ فِي الذُّكُورِ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا تَأْخُذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَوْ طَلَبَ الْخُنْثَى والمرأة عقد الذمة في الجزية أَعْلَمَهُمَا الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ رَغِبَا فِي بَذْلِهَا فَهِيَ هِبَةٌ وَلَوْ بَانَ خنثى الْمَعْقُودُ لَهُ ذَكَرًا طَالَبْنَاهُ بِجِزْيَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ " وَتُلَفَّقُ إفَاقَةُ جُنُونٍ " أَيْ أَزْمِنَتُهَا إنْ " كَثُرَ " الْجُنُونُ وَأَمْكَنَ تَلْفِيقُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتْ الْجِزْيَةُ اعْتِبَارًا لِلْأَزْمِنَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ بِالْمُجْتَمِعَةِ وَخَرَجَ بِكَثُرَ مَا لَوْ قَلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ.

" وَلَوْ كَمَلَ " بِبُلُوغٍ أَوْ إفَاقَةٍ أَوْ عِتْقٍ " عُقِدَ لَهُ إنْ الْتَزَمَ جِزْيَةً " فلا يكفي بِعَقْدِ مَتْبُوعِهِ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا " بَلَغَ الْمَأْمَنَ " لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانِ مَتْبُوعِهِ وَتَعْبِيرِي بِكَمَلَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَلَغَ " وَ " شُرِطَ " فِي الْمَكَانِ قَبُولُهُ " لِلتَّقْرِيرِ " فَيُمْنَعُ كَافِرٌ " ولو ذميا " إقامة بالحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة وطرفها " أَيْ الثَّلَاثَةِ " وَقُرَاهَا " كَالطَّائِفِ لِمَكَّةَ وَخَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ روى البيهقي عن أبي عبيدة ابن الْجَرَّاحِ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ" وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ: " أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ" وَمُسْلِمٌ خَبَرَ: "لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ" وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِجَازُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ وَتَعْبِيرِي بِالْإِقَامَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاسْتِيطَانِ " فَلَوْ دَخَلَهُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ أَخْرَجَهُ " مِنْهُ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ " وَعُزِّرَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ " بِدُخُولِهِ لجراءته بخلاف ما إذا جهله " ولا يأذن لَهُ " فِي دُخُولِهِ الْحِجَازَ غَيْرَ حَرَمِ مَكَّةَ " إلَّا لِمَصْلَحَةٍ لَنَا كَرِسَالَةٍ وَتِجَارَةٍ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ وَإِلَّا " بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كَبِيرُ حاجة " فلا يأذن لَهُ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا " أَيْ مِنْ مَتَاعِهَا كَالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ بِحَسْبِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَا يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَالْجِزْيَةِ " وَلَا يُقِيمُ " فِيهِ بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِهِ " إلَّا ثَلَاثَةً " مِنْ الْأَيَّامِ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْهَا مُدَّةُ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا ثُمَّ وَالْمُرَادُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَلَوْ أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ أَيْ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهَكَذَا فَلَا مَنْعَ.

" فَإِنْ مَرِضَ فِيهِ وَشَقَّ نَقْلِهِ " مِنْهُ " أَوْ خِيفَ مِنْهُ " مَوْتُهُ أَوْ زِيَادَةُ مَرَضِهِ وَذِكْرُ الْخَوْفِ مِنْ زِيَادَتِي " تُرِكَ " مُرَاعَاةً لِأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ وَإِلَّا نُقِلَ رِعَايَةً لِحُرْمَةِ الدَّارِ وَتَقْيِيدِي التَّرْكَ فِي الْمَرِيضِ بِمَشَقَّةِ نَقْلِهِ تَبِعْتُ فِيهِ الْأَصْلَ وَالْحَاوِي وَغَيْرَهُمَا وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَاَلَّذِي فِيهِمَا عَنْ الإمام أنه ينقل عظمت المشقة أولا وَعَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ اقتصر مختصر الروضة " فَإِنْ مَاتَ " فِيهِ " وَشَقَّ نَقْلُهُ " مِنْهُ لِتَقَطُّعِهِ أَوْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ مِنْ غَيْرِ الْحِجَازِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ " دُفِنَ ثَمَّ " لِلضَّرُورَةِ نَعَمْ الْحَرْبِيُّ لَا يَجِبُ دَفْنُهُ وَتُغْرَى الْكِلَابُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ وُورِيَ أَمَّا إذَا لَمْ يَشُقَّ نَقْلُهُ بِأَنْ سَهُلَ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فَيُنْقَلَ فَإِنْ دُفِنَ تُرِكَ " وَلَا يَدْخُلُ حَرَمَ مَكَّةَ " وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} ١ وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْحَرَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} أي فقرا يمنعهم مِنْ الْحَرَمِ وَانْقِطَاعِ مَا كَانَ لَكُمْ بِقُدُومِهِمْ مِنْ الْمَكَاسِبِ: {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ٢ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَلْبَ إنَّمَا يُجْلَبُ إلَى الْبَلَدِ لَا إلَى الْمَسْجِدِ نَفْسِهِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَعُوقِبُوا بِالْمَنْعِ مِنْ دُخُولِهِ بِكُلِّ حَالٍ.

" فَإِنْ كَانَ رَسُولًا خَرَجَ لَهُ إمَامٌ " بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ " يَسْمَعُهُ فَإِنْ مَرِضَ أَوْ مَاتَ فِيهِ نُقِلَ " مِنْهُ وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ أَوْ دفن أو.


١ سورة التوبة الآية: ٢٨.
٢ سورة التوبة الآية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>