للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حل بجرح يزهق ولو بسهم لا بجارحة وفي الآلة كونها محددة تجرح كحديد وقصب وحجر إلا عظما فلو قتل بثقل غير جارحة كبندقة ومدية كآلة أو بمثقل ومحدد كبندقة وسهم حرم لَا إنْ جَرَحَهُ سَهْمٌ فِي هَوَاءٍ وَأَثَّرَ فسقط بأرض ومات أو قتل بإعانة ريح للسهم وكونها في غير مقدور جَارِحَةَ سِبَاعٍ أَوْ طَيْرٍ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ معلمة بأن تنزجر بزجر وتسترسل بإرسال وتمسك ولا تأكل منه مع تكرر يظن به تأدبها ولو تعلمت ثم أكلت من صيد حرم واستؤنف تعليمها.

ــ

غَاصِبِهِ وَبِعَدَمِ اسْتِصْحَابِ غِمْدٍ يُوَافِقُهُ وَبِتَرْكِ ذَبْحِهِ بعد قدرته عليه نعم رجح البلقيني الحال فِيمَا لَوْ غُصِبَ بَعْدَ الرَّمْيِ أَوْ كَانَ الْغِمْدُ مُعْتَادًا غَيْرَ ضَيِّقٍ فَعَلِقَ لِعَارِضٍ.

" وَمَا تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ لِوُقُوعِهِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ حَلَّ بجرح يزهق وَلَوْ بِسَهْمٍ " لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي مَعْنَى الْبَعِيرِ النَّادِّ " لَا بِجَارِحَةٍ " أَيْ بِإِرْسَالِهَا فَلَا يَحِلُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْجَارِحَةِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي " و " شُرِطَ " فِي الْآلَةِ كَوْنُهَا مُحَدَّدَةً " بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ذَاتَ حَدٍّ " تَجْرَحُ كَحَدِيدٍ " أَيْ كَمُحَدَّدِ حَدِيدٍ " وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ " وَرَصَاصٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ " إلَّا عَظْمًا " كَسِنٍّ وَظُفُرٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ" وَأَلْحَقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ وَمَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَا قَتَلَتْهُ الْجَارِحَةُ بِظُفُرِهَا أَوْ نَابِهَا حَلَالٌ فَلَا حَاجَةَ لاستثنائه " فلو قتل بثقل غير جارحة " مِنْ مُثَقَّلٍ " كَبُنْدُقَةٍ " وَسَوْطٍ وَأُحْبُولَةٍ خَنَقَتْهُ وَهِيَ مَا تُعْمَلُ مِنْ الْحِبَالِ لِلِاصْطِيَادِ " و " مِنْ مُحَدَّدٍ مِثْلِ " مُدْيَةٍ كَآلَةٍ أَوْ " قَتَلَ " بِمُثَقَّلٍ " بفتح القاف المشددة " ومحدد كبندقة وسهم " وسهم جرح صيدا فوقع بحبل أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ وَمَاتَ " حَرُمَ " فِيهِمَا تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} ١ أَيْ الْمَقْتُولَةُ ضَرْبًا فِي الْأُولَى بِنَوْعَيْهَا أَمَّا الْمَقْتُولُ بِثِقْلِ الْجَارِحَةِ فَكَالْمَقْتُولِ بِجُرْحِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا " لَا إنْ جَرَحَهُ سَهْمٌ فِي هَوَاءٍ وَأَثَّرَ " فِيهِ " فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ أَوْ قُتِلَ بِإِعَانَةِ رِيحٍ لِلسَّهْمِ " فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّ السُّقُوطَ عَلَى الْأَرْضِ وَهُبُوبَ الرِّيحِ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِجَرَحَهُ وَأَثَّرَ مَا لَوْ أَصَابَهُ السَّهْمُ فِي الْهَوَاءِ بِلَا جَرْحٍ كَكَسْرِ جَنَاحٍ أَوْ جَرَحَهُ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ فَيَحْرُمُ فَتَعْبِيرِي بِجَرَحَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَصَابَهُ وقولي وأثر من زيادتي.

" وكونها " أَيْ الْآلَةِ "فِي غَيْرِ مَقْدُورٍ " عَلَيْهِ " جَارِحَةَ سِبَاعٍ أَوْ طَيْرٍ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ مُعَلَّمَةٍ " قَالَ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} ٢ أي صيده وتعلمها " بأن تنزجر بزجر " فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَبَعْدَهُ " وَتَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالٍ " أَيْ تَهِيجُ بِإِغْرَاءٍ " وَتَمْسِكَ " مَا أُرْسِلَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تُخَلِّيهِ يَذْهَبُ لِيَأْخُذَهُ الْمُرْسَلُ " وَلَا تَأْكُلَ منه " أي من لحمه أو نحوه كجلد وَحُشْوَتِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ وَمَا ذَكَرْته مِنْ اشْتِرَاطِ جَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي جَارِحَةِ الطير وجارحة السباع وهو مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا يُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ خَصَّهَا بِجَارِحَةِ السِّبَاعِ وَشَرَطَ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ تَرْكَ الْأَكْلِ فَقَطْ " مَعَ تَكَرُّرٍ " لِذَلِكَ " يَظُنُّ بِهِ تَأَدُّبَهَا " وَمَرْجِعُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَنَاوُلُهَا الدَّمَ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْ مَا هُوَ مَقْصُودُ الْمُرْسِلِ " وَلَوْ تَعَلَّمَتْ ثُمَّ أَكَلْت مِنْ صَيْدٍ " أَيْ مِنْ لَحْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ فَقَوْلِي مِنْ صَيْدٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ " حَرُمَ " لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ "فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ" وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي خَبَرٍ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ " كُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ" فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِي رِجَالِهِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَإِنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا أَطْعَمَهُ صاحبه منه أَوْ أَكَلَ مِنْهُ بَعْد مَا قَتَلَهُ وَانْصَرَفَ أَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الصُّيُودِ فَلَا يَنْعَطِفُ التحريم عليه " واستؤنفت تعليمها " قال في المجموع لفساد التعليم الأول أي من حينه لا من أصله.


١ سورة المائدة الآية: ٣.
٢ سورة المائدة الآية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>