للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ملك حر بعضه عتق ولا يشتري لموليه بعضه ولو وهب أو وصى له ولم تلزمه نفقته فعلى الولي قبوله ويعتق إلا لم يجز ولو ملكه في مرض موته مجانا عتق من رأس المال أو بعوض بلا محاباة فمن ثلثه ولا يرثه فإن كان مدينا بيع للدين أو بها فقدرها كملكه مجانا وَالْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ وَهَبَ لِرَقِيقِ جُزْءٍ بعض سيده فقبل عتق وسرى وعلى سيده قيمة باقية.

ــ

فَصْلٌ: فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ.

لَوْ " مَلَكَ حُرٌّ " وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَإِنْ أَفْهَمَ خِلَافَهُ وَأَنَّ الْمُبَعَّضَ كَالْحُرِّ قَوْلُ الْأَصْلِ إذَا مَلَكَ أَهْلَ تَبَرُّعٍ " بَعْضُهُ " مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ " عَتَقَ " عَلَيْهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ أَيْ بِالشِّرَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} ١ دل على نفي اجتماع الولدية والعبدية وسواء أكان الملك اختيارا كَالْحَاصِلِ بِالشِّرَاءِ أَمْ قَهْرِيًّا كَالْحَاصِلِ بِالْإِرْثِ وَخَرَجَ بِالْبَعْضِ غَيْرُهُ كَالْأَخِ فَلَا يُعْتَقُ بِمِلْكِهِ وَبِالْحُرِّ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ فَلَا يُعْتَقُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا لِتَضَمُّنِهِ الْوَلَاءَ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ وَإِنَّمَا عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَهْلٌ لِلْوَلَاءِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ " وَلَا يَشْتَرِي " الْوَلِيُّ " لِمُوَلِّيهِ " مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ " بَعْضَهُ " لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ لَهُ بِالْغِبْطَةِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِطِفْلِ قَرِيبِهِ " وَلَوْ وَهَبَ " لَهُ " أَوْ وَصَّى لَهُ " بِهِ " وَلَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ " كَأَنْ كَانَ هُوَ مُعْسِرًا أَوْ فَرْعُهُ كَسُوبًا " فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَيُعْتَقُ " عَلَى مُوَلِّيهِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَحُصُولِ الْكَمَالِ لِلْبَعْضِ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ تَوَقُّعِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِزَمَانَةٍ تَطْرَأُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُحَقَّقَةٌ وَالضَّرَرَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ " لَمْ يَجُزْ " لِلْوَلِيِّ قَبُولُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ مُوَلِّيهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَتَعْبِيرِي بِلُزُومِ النَّفَقَةِ وَعَدَمِهِ لَهُ سَالِمٌ مِمَّا أَوْرَدَ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِكَوْنِ بَعْضِهِ كَاسِبًا أَوْ لَا مِنْ أَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ قَبُولِ الْأَصْلِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ وَلَمْ يَكْتَسِبْ وَعَدَمُ وُجُوبِ قَبُولِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ كَاسِبٍ وَابْنُهُ الَّذِي هُوَ عَمُّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ حَيٌّ مُوسِرٌ وَلَيْسَا كَذَلِكَ.

" وَلَوْ مَلَكَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَجَّانًا " كَأَنْ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ " عَتَقَ " عَلَيْهِ " مِنْ رَأْسِ الْمَالِ " لِأَنَّ الشَّرْعَ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَصَحَّحَ الْأَصْلُ أَنَّهُ يعتق من ثلث ما له لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَخَرَجَ بِلَا مُقَابِلٍ فَكَانَ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ " أَوْ " مَلَكَهُ فِيهِ " بِعِوَضٍ بِلَا مُحَابَاةٍ فَمِنْ ثُلُثِهِ " يُعْتَقُ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى الْوَرَثَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ الثمن " ولا يرثه " لأنه لو ورثه لكان عتقه تبرعا على الوراث فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْ إجازته إرثه عَلَى الْآخَرِ فَيُمْتَنَعُ إرْثُهُ بِخِلَافِ الَّذِي عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى إجَازَتِهِ.

" فَإِنْ كَانَ " الْمَرِيضُ " مَدِينًا " بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ لِمَالِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ " بِيعَ لِلدَّيْنِ " فَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ عِتْقَهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدين مستغرقا أو أسقط بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ إنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي الْأُولَى أَوْ ثُلُثِ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ إجَازَةِ الْوَارِثِ فِيهِمَا وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ ذَلِكَ " أَوْ " مَلَكَهُ فِيهِ بِعِوَضٍ " بِهَا " أي بمحاباة من البائع " فقدرهما كَمِلْكِهِ مَجَّانًا " فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ " وَالْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ وَهَبَ لِرَقِيقِ جُزْءٍ بَعْضَ سَيِّدِهِ فَقَبِلَ " وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالْقَبُولِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ " عَتَقَ وَسَرَى وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيمَةٌ بَاقِيَةٌ " لِأَنَّ الْهِبَةَ لَهُ هِبَةٌ لِسَيِّدِهِ وَقَبُولُهُ كَقَبُولِ سَيِّدِهِ وَقَالَ في الروضة ينبغي أن يَسْرِيَ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْكِتَابَةِ تَصْحِيحُهُ وَأَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِالسَّيِّدِ لُزُومُ النَّفَقَةِ لَمْ يَصِحَّ قَبُولُ الْعَبْدِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا فَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا لَمْ يعتق من موهوب به شَيْءٌ نَعَمْ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ عَتَقَ مَا وُهِبَ لَهُ وَلَمْ يَسْرِ لِعَدَمِ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ وَالْمِلْكُ حَصَلَ ضِمْنًا وَإِنْ كَانَ مُبَعَّضًا وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَإِنْ كان في نوبة.


١ سورة الانبياء الآية: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>