فهذا الحديث من الكذب، وإن كان البيهقي روى هذا فهذا مما أنكر عليه ورآه أهل العلم لا يستوفي الآثار التي لمخالفيه، كما في الآثار التي له، وأنه يحتج بآثار لو احتج بها مخالفوه لأظهر ضعفها وقدح فيها، وإنما أوقعه في هذا مع علمه ودينه ما أوقع أمثاله ممن يريد أن يجعل آثار النبي صلى الله عليه وسلم موافقة لقول واحد من العلماء دون آخر، فمن سلك هذا السبيل. دحضت حججه وظهر عليه نوع من التعصب بغير الحق، كما يفعل ذلك من يجمع الآثار ويتأولها في كثير من المواضع بتأويلات يتبين فسادها، لتوافق القول الذي ينصره كما يفعله صاحب شرح الآثار أبو جعفر "يعني الطحاوي" مع أنه يروي من الآثار أكثر مما يروي البيهقي، لكن البيهقي ينقي الآثار ويميز بين صحيحها وسقيمها أكثر مكن الطحاوي. انتهى.
وقال أيضا كما في مجموع الفتاوى "٢٠/٢١٥": وإذا قيل لهذا المستهدي المسترشد أنت أعلم أم الإمام الفلاني؟ كانت هذه المعارضة فاسدة، لأن الإمام الفلاني قد خالفه في هذه المسألة من هو نظيره من الأئمة، ولست أعلم من هذا ولا هذا، ولكن نسبة هؤلاء إلى الأئمة كنسبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود ومعاذ ونحوهم إلى الأئمة وغيرهم، فكما أن هؤلاء الصحابة بعضهم لبعض أكفاء في موارد النزاع، وإذا تنازعوا في شيء ردوا ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، وإن كان بعضهم قد يكون أعلم في مواضع أخر فكذلك موارد النزاع بين الأئمة، وقد ترك الناس قول عمر وابن مسعود في مسألة تيمم الجنب، وأخذوا بقول من هو دونهما كأبي موسى الأشعري وغيره لما احتج