للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

أخرجه مسلم "١٠١٧".

قال الشاطبي في الموافقات "١/١٨٣": فتأملوا أين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سن سنة حسنة" تجدوا ذلك فيمن عمل بمقتضى المذكور على أبلغ ما يقدر عليه، حتى بتلك الصرة، فانفتح بسببه باب الصدقة على الوجه الأبلغ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال: "من سن في الإسلام سنة حسنة"، فدل على أن السنة هاهنا مثل ما فعل ذلك الصحابي، وهو العمل بما ثبت كونه سنة، فظهر أن السنة الحسنة ليست بمبتدعة. انتهى.

ويحتج أيضا من يقول بالبدعة الحسنة بقول عمر لما رأى الناس مجتمعين في صلاة التراويح نعمت البدعة هذه.

والجواب: قال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم "٢/٥٨٩": أكثر ما في تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها، وهذه تسمية لغوية لا تسمية شرعية، وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق، وأما البدعة الشرعية فما لم يدل عليه دليل شرعي، فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل، أو إيجابه بعد موته، أو دلَّ عليه مطلقاً ولم يعمل به إلا بعد موته، ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر رضي الله عنه، فإذا عمل ذلك العمل بعد موته، صحَّ أن يسمى بدعة في اللغة لأنه عمل مبتدأ، كما أن نفس الدين الذي

<<  <   >  >>