شيخا من المشائخ المعروفين بالخير واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك، فلم يمكنه إلا أن يقيم لهم سماعاً يجتمعون فيه بهذه النية، وهو بدف بلا صلاصل، وغناء المغني بشعر مباح بغير شبابه، فلما فعل هذا تاب منهم جماعة، وأصبح من لا يصلي ويسرف ولا يزكي يتورع عن الشبهات، ويؤدي المفروضات، ويجتنب المحرمات، فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه، لما يترتب عليه من المصالح، مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلا بهذا.
فأجاب شيخ الإسلام:
الحمد لله رب العالمين.
أصل جواب هذه المسألة وما أشبهها: أن يعلم أن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وكفى باله شهيدا، وأنه أكمل له ولأمته الدين، كما قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة: ٣] . وأمر الخلق أن يردوا ما تنازعوا فيه من دينهم إلى ما بعثه به كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء: ٥٩] ،.. إلى أن قال: إذا عرف هذا المعلوم إنما يهدي الله به الضالين ويرشد به الغاوين ويتوب به العاصين، لابد أن يكون فيما بعثه الله به ورسوله من الكتاب والسنة،