تغيير الدين من الملوك والعلماء والعباد، أومن زل منهم باجتهاد.. فمثال هذا القسم: الأذان في العيدين، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعة، فلو لم يكن كونه بدعة دليلاً على كراهته، وإلا لقيل: هذا ذكر لله ودعاء للخلق إلى عبادة الله، فيدخل في العمومات كقوله تعالى:{اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً}[الأحزاب: ٣٦] وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً}[فصلت: ٣٣] أو يقاس على الأذان في الجمعة! فإن الاستدلال على حُسن الأذان في العيدين أقوى من الاستدلال على حسن أكثر البدع! بل يقال ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم له مع وجود ما يعتقد مقتضياً وزال المانع: سنة كما أن فعله سنة..، فهذا مثال لما حدث مع قيام المقتضي له وزال المانع له، لو كان خيراً. فإن كل ما يبديه المحدث لهذا المصلحة أو يستدل به من الأدلة قد كان ثابتاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الترك سنة خاصة مقدمة على كل عموم وكل قياس. انتهى.
قال الشنقيطي في المصالح المرسلة "٢١": ولكن التحقيق أن العمل بالمصلحة المرسلة أمر يجب فيه التحفظ وغاية الحذر حتى يتحقق صحة المصلحة عدم معارضتها لمصلحة أرجح منها، أو مفسدة أرجح منها، أو مساوية لها، وعدم تأديتها إلى مفسدة في ثاني حال. انتهى.