من أكثر ما يعين على فهم معاني عبارات الجرح والتعديل عند الأئمة: هو محاولة فهم كلام الواحد منهم بكلامه هو نفسه وبتطبيقاته العملية، وللقيام بهذا النظر البحثي عليك التنبّه لما يلي:
١ - الراوي الذي للإمام فيه أكثر من حكم، سيكون الأصل في تَعدُّدِ العبارات فيه الصادرة من ناقدٍ واحد الدلالةَ على حكمٍ واحدٍ منه؛ لأن تغيُّر الاجتهاد خلاف الأصل (كما سيأتي بيانه). وبذلك يمكن فهم معنى إطلاقٍ من خلال إطلاقٍ آخر له. وبذلك نفسّر كلام الناقدِ بكلامه، ونشرح إطلاقَه بإطلاقه.
٢ - الرواة الذين جمع فيهم الناقدُ أكثرَ من لفظة في سياقٍ واحد، كأن يقول عن راو:«هو صدوق، مستقيم الحديث، يُكتب حديثه، ولا يُحتجّ به، ويُحوَّل من كتاب الضعفاء [أي لا يُذكر فيهم]». فهذا الجمع بين هذه الألفاظ يعني أنها إطلاقاتٌ تقبل الاجتماع، وأنها لا تَتَناقَضُ تَناقُضَ «صدوق» و «كذاب»، ولا تَناقُضَ «متروك الرواية» و «حجة». بل قد تتجاوز إفادةُ اجتماع أمثال تلك الألفاظ في سياق واحد فائدةَ نَفْيِ التضادّ، إلى ما هو أَدقُّ وأهَمُّ، وهو: أن يُفسِّرَ بعضُها بعضًا، أو أن يدل اجتماعُها على ترادفها في معناها، أو القُرب من الترادف.
٣ - المماثلة بين الرواة والتقريب بين أحوالهم: كأن يقول الناقد: فلانٌ مثلُ فلان، أو: فلان بابةُ فلانٍ، ونحو ذلك من