القدح في عدالة مردود)، فللخطأ غير المقصود علامات وحدود، فإن تجاوزها صار قريبًا من التعمّد.
باجتماع إحدى هاتين القرينتين مع قاعدة هذا الفصل، وهي ظهور خطأ الحكم بالجرح أو التعديل (كما سبق): سيغلب على الظن أن الجرح كان بغير إنصاف وأن التعديل لم يُوزن بميزان الاعتدال.
أما بغير تحقق هذه القرائن: فيبقى الأصل على أصله، وهو حمل كلام الناقد على الاجتهاد المنصِف: سواء أقبلناه منه ورجَّحناه، أو رَدَدْناه ورَجَّحْنا غيرَه عليه؛ فليس سببُ كل خطأ في حكمٍ هو عدمَ الإنصاف، ولا يقتصر تفسير مرجوحيةُ قولٍ على حَيْفِ مجازفته، بل هذا خلاف الأصل في أحكام النقاد: أصابوا، أم أخطؤوا. فكما ينشأ الصواب في كلام النقاد عن اجتهاد، فالغالب في منشأ الخطأ منهم عن الاجتهاد أيضَا.
وبذلك تعلم أن قاعدة (كلام الأقران يطوى ولا يروى) ليست على إطلاقها، وأنها لا تصحّ إلا في حالة ما أن تلوح قرائنُ تدل على وجود سببٍ لعدم الإنصاف. وإلا فإن المعاصرَ والقرين أَولى بمعرفة حال من عاصره ممن تأخر عنه غالبًا، فلو توقفنا عن كلام كل قرين في قرينه نكون بذلك قد أهدرنا أحد أقوى أحكام النقاد على الرواة.