للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقابل ثناءٍ كثيرٍ مِن غيره، قد لا يصل الثناءُ درجةَ الاستفاضة القاطعة، لكنه يقترب منها. أو العكس: فينفرد المعدِّل بثناءٍ وتعديلٍ في راوٍ تَكَاثَرَ جارِحُوهُ بجارح، قد لا يصل جرحُه حدَّ اليقين، لكنه يفيد غلبة الظن.

وهذه القاعدة وحدها لا تكفي لرمي الجارح أو المعدِّل بعدم الإنصاف، وإن كَفَتْ في ردِّ قوله غالبا؛ إذْ قد نَرُدّ الجرحَ أو التعديل أو نُرجّحُ عليه ضدَّه على أنه اجتهادٌ خطأٌ وَوَهَمٌ من الناقد، ولا يلزم من ردِّ جرح أو تعديل أن يكون سبب الردِّ هو أنه حُكْمٌ صَدَرَ بغير إنصاف.

لكن إن انضمَّ إلى تلك القاعدة قرينةٌ أخرى تُرشِّحُ اختلالَ ميزانِ الإنصاف المحايد، عندها يمكن إلحاقُ القول الجارح أو المعدِّل بما لا وزن له من الجرح والتعديل، بغلبة الظن التي استفدناها من مجموع تلك القرائن.

ومن هذه القرائن:

١ - عِلْمُنا بوجود سببٍ يؤثّر على الإنصاف في عادة الناس: كالعداوة الشخصية، والعداوة العقائدية، أو التعصُّبِ على المذهب، أو له، أو كعاطفةِ القرابة بالمحبة، أو الخضوعِ للإحسان ولأَسْرِ قُيودِ الإنعام.

٢ - مجازفة عبارة الجرح والتعديل، وغُلُوّ المادح أو الذام، وخروج العبارة عن حدّ الاعتدال مدحًا أو ذمًّا، حتى لو كانت في جانب الصواب (كمبالغة في مدح ممدوحٍ وتعديلِ ثقة) أو في جانب الخطأ (كمبالغةٍ في جرح ضعيفٍ وفي

<<  <   >  >>