للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في كيانها، ويصبح الناتج من تفاعلهما شيئاً جديداً معقد التركيب تختلف خصائصه وصفاته عن كل من العنصرين المكونين له.

ثم إن الناس في الحالة الأولى يدركون إدراكاً واضحاً أن القانون الذي يحكمهم قانون دخيل. أما في الحالة الثانية فقد يتوهمون أن القانون الذي يحتكمون إليه قانون إسلامي، بل إن كاتب المقال يزعم لهم ذلك منذ الآن.

والواقع أن هذا الذي يفعله السنهوري هو الذي يهدف إليه الاستعباد الغربي. يقول هـ. ا. ر. جب في كتابه "إلى أين يتجه الإِسلام؟! (Whither Islam) " ص ٣٢٨ - ٣٢٩ من طبعة لندن ١٩٣٢": (إن مستقبل التغريب والدور الذي سيلعبه في العالم الإِسلامي لا يتوقف على هذه المظاهر الخارجية للتأثر والاقتباس, لأن الصورة الظاهرية ثانوية، وكلما كان التقليد في المظاهر أكمل كان امتزاج الشيء المنقول بنفس المقلدين أقل, لأن فهم الروح والأصول التي تنطوي عليها المظاهر الخارجية فهمًا كاملاً لا بد أن يصحبه إدراك التعديلات التي تتطلبها الظروف المحلية. ويمكن أن يزول من العالم الإِسلامي كثير من النظم الغربية التي نراها فيه الآن، ثم لا يكون مع ذلك أقل حظاً من الاستغراب، بل ربما كان أوفر حظاً. وإذا أردنا أن نعرف المقياس الصحيح للنفوذ الغربي ولمدى تغلغل الثقافة الغربية في الإِسلام كان علينا أن ننظر إلى ما وراء المظاهر السطحية، علينا أن نبحث عن الآراء الجديدة والحركات المستحدثة التي ابتُكِرت بدافع من التأثر بالأساليب الغربية بعد أن تهُضم وتصبح جزءاً حقيقياً من كيان الدول الإِسلامية، فتتخذ شكلاً يلائم ظروفها).

يعود كاتب مقال اللجنة الثقافية بجامعة الدول العربية فيؤكد أن هدفه هو تغريب الشريعة الإِسلامية نفسِها وفرنجتها، أو بعبارة أُخرى إيجاد "إسلام غربي" إن صح هذا التعبير، وذلك حيث يقول: (فالنتيجة الحتمية إذن لوضع القانون المدني المصري ثم لوضع القانون المدني العراقي، مشتقاً منه ومن الفقه الإِسلامي على السواء هي النهوض بدراسة الفقه الإِسلامي في ضوء القانون المدني الغربي - ص ٢١).

<<  <   >  >>