للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(الأساس في هذه الدراسة أن تكون دراسة مقارنة، فيُدرَس الفقه الإِسلامي في ضوء القانون المقارن). ولست أدري ما حاجتنا إلى هذه المقارنة، ولماذا كل هذا الحرص على أن لا نخالف التشريع الغربي ولا نبتعد عن روحه؟ أليس في ذلك قتل لشخصيتنا وإفناء لها في الغرب، مما لا يخدم سوى مصالح الاستعباد والتبشير؟ ذلك إلى ما يتضمنه من تبديل شرع الله وتحريف الكلم فيه عن مواضعه، وهو كفر صريح، وليس بعد الكفر ذنب.

ويطالب الكاتب بدراسة مذاهب الفقه الإِسلامي المختلفة، السني منها والشيعي والخارجي والظاهري: (وتُستكشَف من وراء كل هذه قواعد الصناعة الفقهية الإِسلامية، ثم تُقارن هذه الصناعة بصناعة الفقه الغربي الحديث. حتى يتضح ما بينهما من الفروق ووجوه الشبه، حتى نرى أين وقف الفقه الإِسلامي، لا في قواعده الأساسية ومبادئه، بل في أحكامه التفصيلية وفي تفريعاته، فتمتد يد التطور إلى هذه التفصيلات، على أسس تقوم على ذات الفقه الإِسلامي وطرق صياغته وأساليب منطقه. وحيث يحتاج الفقه الإِسلامي إلى التطور يتطور، وحيث يستطيع أن يجاري مدنية العصر يبقى على حاله دون تغيههـ. وهو في الحالين فقه إسلامي خالص (؟!) لم تداخله عوامل أجنبية فتخرجه عن أصله (؟!) - ص ٢٣).

ألا تعجب معي لهذا الرجل الذي يزعم بعد كل ما قاله أن الفقه الإِسلامي الذي يسعى إلى تطويره تحت وصاية التقنين الغربي وفي ولايته هو فقه إسلامي خالص؟ وكيف يكون خالصاً وهو يحكِّم فيه (روح العصر)، وهي روح غربية حسب اعترافه في كل موضع من مقاله؟ ومن الواضح أن (مدنية العصر) التي يطلب السنهوري إلى الفقه الإِسلامي أن يجاريها، ويطلب إلى واضعي القانون أن يتخذوها مقياساً لصلاحية الفقه الإِسلامي، هذه المدنية هىِ مدنية غربية فرضها الاستعباد الغربي ونجح في ترويجها وفي إرساء دعائمها وتنشئه الرجال الذين يسهرون عليها ورعاية هؤلاء الرجال ودفعهم إلى مناصب القيادة والزعامة، بما يسمح لهم أن يرعوا جيلاً جديداً من أتباعهم، تم يرعى هذا الجيل جيلاً من بعده. وهكذا دواليك، فتصبح قيادة المسلمين الفكرية والسياسية دائمًا في يد هذه العصابة، لا يسمع الناس إلَّا كلامها

<<  <   >  >>