وكلام أذنابها, ولا يرون إلَّا صورها وصور أذنابها, ولا يرقى أحدهم إلى مرتبة من مراتب الشرف ولا يُفتَح له باب من أبواب الرزق إلَّا إذا حصل على جواز المرور من هذه العصابة التي تسد كل منفذ وتتحكم في كل باب وتحتل كل معقل. ويظل المسلمون هكذا محكومين في حقيقة الأمر بالاستعباد الغربي وهم يظنون أن حكامهم هم إخوانهم وأبناء أمتهم.
ويقترح السنهوري بعد ذلك إنشاء معهد خاص يلحق بجامعة الدول العربية لدراسة الفقه الإِسلامي حسب ذلك المنهج الذي يقترحه. وهنا يلتقي السنهوري بطه حسين، الذي اقترح في كتابه (مستقبل الثقافة في مصر - الفقرة ٤٩) إنشاء معهد للدراسات الإِسلامية في كلية الآداب. كما يلتقي بمحمد خلف الله في اقتراحه الذي تقدم به إلى وزارة التربية والتعليم عن إعداد مدرِّس الدين، فاقترح فيه (أن يعاد النظر في تكوينه وإعداده وأن يُرسَم لذلك منهج يحقق له عمق الثقافة وحرية الفكر). وبنى على ذلك اقتراحاً بإِنشاء (قسم أو شعبة للدراسات الإِسلامية في كلية للآداب بالجامعات المصرية) (تدرس فيما تدرسه "سيكولوجية الدين" و "النظم الدينية والأخلاقية المقارنة" ولغة أو لغتين شرقيتين كالفارسية والأردية، ولغة أو لغتين غربيتين، ليكونوا على اتصال بتيارات التفكير الثقافِى في الشرق الإِسلامي وفي الغرب) (١).
ومع ذلك كله فليس للشريعة الإِسلامية من الاعتبار عند كاتب هذا المقال أكثر مما للقانون الروماني. فالغاية عنده من إنشاء ذلك المعهد الذي اقترحه هي أن (تنتهي هذه الدراسة بعد عشرات من السنين إلى أن يتجدد شباب هذا الفقه، وتدب فيه عوامل التطور لروح العصر. وتكون نهضة الفقه الإِسلامي هذه شبيهة بنهضة القانون الروماني في العصور الوسطى. ويُنبِت الفقه الإِسلامي قانوناً مدنياً متطوراً يجاري المدنية الحديثة. وينبثق هذا القانون الحديث من الشريعة الإِسلامية كما انبثقت الشرائع اللاتينية والشرائع الجرمانية من الفقه الروماني - ص ٢٤).
(١) مجلة الأسرة - يصدرها قسم اللغة العربية بكلية الآداب بالاسكندرية - العدد السادس سنة ١٩٥٧ ص ١٦٠ - ١٦٥.