يشاءون وهم في الوقت نفسه يخطون بهذا العمل خطوة واسعة نحو تعريب هذه العلوم التىِ لا تزال تدرَّس في جامعات مصر باللغة الإِنجليزية.
وقد كان أنصار اللهجات السوقية ودعاة تطوير العربية الفصحى في قواعدها وأساليبها ومفرداتها، من غربيين ومن عرب مستغربين، كانوا ولا يزالون يستندون في دعوتهم إلى ما يسميه بعضهم (ازدواجاً)، فيزعمون أننا نقرأ ونكتب بغير اللغة التي نتكلمها، وذلك عندهم هو السبب في تخلفنا العلمي والثقافي الذي يَحُول بيننا وبين التفوق والنبوغ. ومن عجيب أن هؤلاء العباقرة قد اكتشفوا هذا العيب الخطير في عربيتنا الفصحى وحدها ولم يكتشفوه في الإِنجليزية أو الفرنسية، فلم نسمع صوتاً واحداً منهم ينبه إلى الازدواج الناشىء عن قراءة الجامعيين العرب - أساتذة وطلاباً - وكتابتهم بالإِنجليزية أو بالفرنسية، فهل يرون الازدواج في المرواحة بين السوقية والفصحى مع قرب ما بينهما, ولا يرونه في المراوحة بين الإِنجليزية والعربية، أو الفرنسية والعربية، مع بُعْدِ ما بينها وبينهما؟
ولنعد من بعد إلى حديثنا عن الكتابين اللذين أشرت إليهما من قبل لأقول: إن جامعة الدول العربية حين استوحت السفارة الأمريكية في أحدهما، واستوحت اليونسكو في الكتاب الآخر، قد لجأت في حقيقة الأمر إلى السفارة الأمريكية مرتين. لجأت مرة إلى السفارة الأمريكية التي ترفع فوق دارها العلم الأمريكي، ثم لجأت مرة أُخرى إلى السفارة الأمريكية التي ترفع علم الأمم المتحدة. وإن شئنا الدقة قلنا: إنها لجأت إلى اليهودية العالمية الهدامة في الحالين، لتختار لها أشد الكتب فتكاً بالدبن والأخلاق وأفعلها في قتل الشخصية العربية ومحو مقوماتها وتدمير تفكيرها وتسميم ينابيع الثقافة فيها، ومن أراد الدليل على صدق ما أقول فليرجع إلى الكتابين اللذين أشرت إليهما، فسيجد فيهما الكيد للإِسلام وللمسيحية ولكل دين صحيح ظاهراً وخفياً، وسيجد أن اليهودية وحدها هي التي سلمت من كيد المؤلَفيْن وبذاءتهما، وسيجد الثناء على اليهودية واليهود تصريحاً وتلميحاً. يجد ذلك في مثل إشارة إمرسون إلى يوم السبت الذي يسميه (يوم الدين)، والذي يُظهِر الحزن والأسى لأنه (فقد الآن عند القسس سناء الطبيعة - ص ٧٧) ويجده في مثل قوله (إني لأتطلع إلى الساعة التي يتكلم فيها في الغرب كل ذلك