للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجمال العلوي الذي افتتنت به أرواح أولئك الشرقيين، وبخاصة أولئك العبريين الذين تحدث الأنبياء من خلال شفاههم لكل زمان ... وإني لأتطلع إلى المعلم الجديد الذي يتابع هذه القوانين المشرقة - ص ٩٠). ويجده كذلك في عرض ول ديورانت لتاريخ اليهود عرضاً جذاباً مشرباً بالعطف والمحاباة في الجزء الثاني من هذه الترجمة التي أتناولها بالحديث (ص ٣٢١ وما بعدها)، وفي اعتماد المؤلف الشديد على المؤرخ اليهودي يوسيفوس، وعرضه تاريخ اليهود من زوايا تثير العطف والإِعجاب في كل مكان من الكتاب (١). وذلك في مقابل ما يصبه "ول ديورانت" من التهم البذيئة على شخصي مُحَمَّدْ والمسيح الكريمين عليهما صلوات الله وسلامه في الجزءين الحادي عشر والثالث عشر من هذه الترجمة، وفي مقابل تهكم إمرسون اللاذع وسخريته المرة بالمسيحية وبرجالها وطقوسها. ألا يذكّرنا ذلك كله بالتهم البذيئة الموجّهة إلى شخصي المسيح عليه السلام وأمه رضي الله عنها في التلمود الذي يقدسه اليهود أكثر من تقديسهم للتوراة, ثم ألا يذكّرنا كذلك بالمادة الخامسة من خطة الصهيونية السرية التي عرفت فيما بعد باسم (بروتوكول حكماء صهيون) حيث تتحدث عن (حكم الجماهير والأفراد عن طريق عبارات ونظريات وقواعد للحياة معدة إعداداً ماهراً وعن طريق شتى أنواع الخداع والحيل)، ثم تقول بعد قليل: (وبقدر ما نعلم فإِن المجتمع الوحيد الذي يستطيع الوقوف في وجهنا في مضمار هذا العلم هو مجتمع اليسوعيين، إلَّا أننا قد توصلنا إلى الحط من قدرهم في نظر الجماهير الحمقاء بتوكيدنا لهم أنهم منظمة زائلة، بينما وقفنا نحن وراء الكواليس وحرصنا على أن تبقى منظمتنا مستترة خفية) (٢).


(١) تراجع أمثلة لذلك في صفحات ١٣، ١٤، ٣٣، ٣٦، ٣٩، ٢٠٤، ٢١٦ من الجزء الحادي عشر (الجزء الثالث من المجلد الثالث).
(٢) الترجمة العربية ص ٤٦ - ٤٧ من طبعة "كتب سياسية" - العدد الخامس. ويجب أن يتنبه المسلمون إلى أن الأساليب التي استخدمتها الصهيونية في هدم المسيحية ومحو سلطانها وسلطان رجال الكنيسة من قلوب المسيحيين هي نفسها التي تتخذها الصهيونية الآن لمحاربة الإِسلام وإفساد دين ناشئتهم وجماهيرهم وإضعاف سلطان الإِسلام على نفوس عامتهم. ويقوم هذا الأسلوب على السخرية بعلماء الدين وتصويرهم بصورة الجهلاء الجامدين تارة، والمنافقين المستغلين لسلطان وظائفهم تارة أُخرى، وبإِثارة المشاكل الوهمية حول قواعد الإِسلام وأحكامه ليوهموا ضحاياهم أنها لم تعد كافية لسد حاجات المجتمع الحديث.

<<  <   >  >>