نبذ الدين، ويزعم لهم أنهم جميعاً على صلة صحيحة وثيقة بالله - سبحانه وتعالى - تمكنهم من معرفته ومن تعريف الناس به.
ومن أمثلة هذه الآراء الهدَّامة التي تستتر وراء الدعوة الخلابة إلى التحرر الفكري كذلك قوله:(من أراد أن يكون رجلاً ينبغي أن ينشقَّ على السائد المألوف، ومن أراد أن يجمع ثمر النخيل الخالد ينبغي أن لا يعوقه ما يسميه الناس خيراً، بل يجب عليه أن يكتشف إنْ كان ذلك خيراً حقاً. لا شيء في النهاية مقدَّس سوى نزاهة عقلك. حرر نفسك لنفسك يؤيدك العالم ... الخير والشر اسمان يمكن في سهولة شديدة أن ينتقلا إلى هذا أو ذاك، والشيء الوحيد الصحيح هو ما يتبع تكويني، والشيء الوحيد الخطأ هو ما يقاومه ص ١٣٢).
ومن سفسطة ذلك المفسد الهدَّام قوله (إن الثبات على رأي واحد هو غول العقول الصغيرة الذي يقدسه صغار السياسيين والفلاسفة ورجال الدين. أما الروح العظيمة فليس لها ألبتة شأن بهذا الثبات، وإلَّا فإِنها تَأْبه لظلها فوق الحائط. انطق بما تفكر فيه الآن في ألفاظ قوية، وانطق بما تفكر فيه غداً في ألفاظ قوية كذلك، حتى إن ناقض ما قلته اليوم، وإذن فثق أنك سوف يساء فهمك، وهل من شر الأمور أن يساء فهمك؟ لقد أسيء فهم فيثاغورس وكذلك سقراط ويسوع وكوبرنكس وغاليلو ونيوتن وكل روح طاهرة عاقلة تجسدت. لكي تكون عظيمًا لا بد أن يُساء فهمك - ص ١٣٩).
فلينظر القارئ أي دعوة هذه إلى التخبط والغرور، وإغراء ضعاف العقول بما يجرئهم على خوض كل مجهول، وتناول كل مُغيَّبٍ مستور، وهتك كل مقدَّس مصون والخبط في كل تيه واعتساف كل طريق، بما يفسد عليهم وعلى الناس الحياة ويحولها إلا جحيم لا سكن فيه ولا قرار، يتنابذ أهلها ويتدابرون ويعتركون ولا يتفقون على رأي ولا يسكنون ولا يطمئنون، حتى لكأنهم أهل جهنم. {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا}
على هذا الغرور الشديد المفسد في تقدير الفرد يقوم الكتاب كله. ويبلغ هذا الفساد وهذا الغرور حد الكافر المجنون في بعض الأحيان، وذلك في مثل