للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قوله (إن من ينبذ الدوافع العامة الإنسانية ويجرؤ على الثقة العامة فيما تمليه عليه نفسه لا بد أن يتميز ببعض صفات الآلهة - ص ١٥٤).

فهل تعرف خَرَفاً وراء هذه الخرف؟ ومعِ ذلك فقد يظن بعض صغار العقول وضعاف النفوس هذا الجنون ضرباً من ضروب الفلسفة, لأنهم لا ينسبون عجزهم عن فهمه إلى فساده، ولكنهم ينسبون إلى ضعف عقولهم عن إدراكه. وهذا الكاتب وأمثاله يعتمدون على أن الأذكياء سوف يجدون في كلامه ما يرضي غرورهم. أما الأغبياء فسوف يقفون أمامه مشدوهين كأنهم أمام مُعجزة. أما الشباب فسوف يجدون فيما يتضمنه من الثورة التي تحطم ولا تبقي ولا تذر مجالاً للتنفيس عن نشاطهم ونزوعهم إلى إثبات وجودهم من كل وجه.

ويتعقب ذلك الصهيوني الهدام فضائل الدين كلَّها بالتسفيه والسخرية اللاذعة. فالصلاة عنده وَهْم ليس فيه من الشجاعة أو الرجوله بمقدار ما فيه من القداسة (ص ١٥٦). والتوبة والندم نوع آخر من الصلاة الزائفة ونقص في الاعتماد على النفس وعجز في الإِرادة. والرحمة والعطف لا تقل عن الندم وضاعة (ص ١٥٧)، (والعقائد الدينية الشائعة قد تفوقت على الخرافات التي حلت محلها في الظاهر فقط لا في المبدأ- ص ١٧٣). ألا ترى من ذلك كله أن هذا المفسد يريد ثورة تقلب موازين الدين والخلق وكلَّ شيء؟ بلى. وهو نفسه يعرف ذلك، فهو يفسد، ويعلم أنه يفسد، أي أنه هدام محترف يفسد عن وعي منه وقصد، والدليل على ذلك قوله (نريد رجالاً ونساء يجددون الحياة ويجددون حالتنا الاجتماعية. ولكنا نجد أن أكثر المطابع مفلسة - ص ١٥٤) وقوله (إن تدبيرنا المنزلي ضعيف، وفنوننا، وأعمالنا، وزواجنا، وديننا، لم نختره لأنفسنا، وإنما نحن جنود في غرفة الاستقبال، نتحاشى معركة القدر الحامية التي تتولد فيها القوة - ص ١٥٥). وقوله. (ومن اليسير أن نرى أن مزيداً من الثقة بالنفس لا بد أن يحدث انقلاباً في جميع وظائف الناس وعلاقاتهم ودياناتهم، وفي تربيتهم، وفي أهدافهم وأساليب عيشهم واجتماعهم وفي امتلاكهم وفي آرائهم التي يتدبرون - ١٥٦).

ذلك هو لب الكتاب الذي أوحت به السفارة الأمريكية لطه حسين،

<<  <   >  >>