للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والمذنبين بالنار التي لا تنطفىء أبداً والديدان التي لا تشبع من نهش أجسامهم).

(وهو يقول دون أن يحتج عليه أحد: إن رجلاً فقيراً في الجنة لم يسمح له بأن يترك نقطة واحدة من الماء تسقط على لسان غني في الجحيم ... ويلعن شجرة التين التي لم تكن تحمل ثمراً، ولعله كان قاسياً بعض القسوة على أمه. وكان يتصف بحماسة النبي العبراني المتزمت أكثر من اتصافه بالهدوء الشامل الذي يمتاز به الحكيم اليوناني - ص ٢١٩). وأكثرُ هذه المفتريات التي حشدها ذلك الصهيوني الهدام في كتابه، مروية عن المؤرخ اليهودي يوسيفوس.

وبمثل هذا الأسلوب الإِلحادي الهدام عالج المؤلف حياة نبينا عليه الصلاة والسلام في الجزء الثالث عشر. ففي هذا الجزء من الكتاب أخبث أساليب الكيد والدس للإِسلام. والمؤلف لا يلجأ هنا إلى الهجوم البذيء الصريح كما فعل مع شخص المسيح الكريم عليه السلام. ولكنه يتظاهر هنا بالإنصاف، بل يبدو في بعض الأحيان كأنه معجب بشخص النبي عليه الصلاة والسلام. فيقول مثلاً (وكان مُحَمَّدْ، كما كان كل داعٍ ناجحٍ في دعوته، الناطق بلسان أهل زمانه والمعبرَ عن حاجاتهم وآمالهم ص ٢٤).

ويقول في موضع آخر: (ذلك أن النبي كان ينشىء حكومة مدنية في المدينة. واضطر بحكم الظروف أن يخصص جزءاً متزايداً من وقته للمشاكل العملية المتصلة بالتنظيم الاجتماعي والأخلاقي والعلاقات السياسية بين القبائل ص ٣٣) ويقول: (وحتى شؤون الحياة العادية كانت أوامره فيها تعرض في بعض الأحيان كأنها موحى بها من عند الله، وكان اضطراره إلى تكييف هذه الوسيلة السامية بحيث تتفق مع الشؤون الدنيوية، مما أفقد أسلوبه بعض ما كان يتصف به من بلاغة وشاعرية. ولكن لعله كان يشعر بأنه بهذه التضحية القليلة جعل كل تشريعاته تصطبغ بالصبغة الدينية الرهيبة - ص ٤٢).

وهو في هذه المواضع كلها يتحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثه عن أي مصلح سياسي تصدر دعوته عن حاجات عصره وتُشكِّلها ظروفُه. ومع ذالك فإِن

<<  <   >  >>