للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كلامه هذا قد يخدع ضعاف المسلمين وأغرارهم حين يرون الكاتب - وهو غير مسلم - يبدي ميلاً مصطنعاً إلى إنصاف نبي لا يدين هو بدينه. فهذا الكلام المشبع في ظاهره بروح المودة يخدع كثيراً من المسلمين فيتقبلونه بقبول حسن. وينتهي بهم ذلك إلى اعتبار نبيهم واحداً من الزعماء والفلاسفة والمفكرين والمصلحين الذين يزخر بهم تاريخ الشرق والغرب في العصور القديمة والحديثة، فيخرجهم ذلك عن إسلامهم لا شك, لأنهم لا يُسْلمون حتى يعتقدوا اعتقاداً خالصاً لا يدخله ريب أن نبوة مُحَمَّدْ - صلى الله عليه وسلم - كانت بوحي يلاحقه ويقوده ويصحح كل أعماله. ولست أبالغ ولا أدَّعي غير الحق حين أقول: إن هذه الروح اللادينية - مع شديد الأسف- قد أصبحت هي التي تسود دراسات التاريخ الإِسلامي في أكثر جامعاتنا. وذلك شيء يلمسه كل من تخرج في كليات الآداب أو اتصل بها عن قريب. وما لي أذهب بعيداً وهذا هو مُحَمَّدْ بدران - مترجم هذا الجزء - يقدم لي الدليل هو نفسه على صدق ما أقول، حين يقرر في مقدمته أن المؤلف قد (أنصف الحضارة الإِسلامية فشاد بفضلها).

يقرر المترجم المسلم ذلك في سذاجة تبلغ حد الغفلة والبله، مع أن ذلك الصهيوني الخبيث لا يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الغرائب التي يخلعها من سياقها وظروفها حتى تبدو لغير الخبير بالتاريخ الإِسلامي في صورة تثير السخط وتدعو إلى الاشمئزاز، كالذي يصف المجرم وهو يساق إلى القتل ويعلق في الحبل، ويخفي ما اجترح من مفاسد وما أزهق من أرواح بريئة. تجد ذلك في مثل كلامه عن قتله - صلى الله عليه وسلم - امرأة، وعن قتله شيخاً ناهز المائة, لأنهما هجواه (ص ٣٥). وهو يسوق ذلك في أسلوب هادىء رزين كأنه يسوق خبراً من الأخبار العادية دون أن يعلق عليه أو يحتفل به، فلا يكاد القارئ المسلم يتنبه إلى غرضه الخبيث الذي هو في حقيقة الأمر التشنيع بالنبي عليه الصلاة والسلام عند المخدوعين بما تزوّره الصهيونية الهدامة من كلمات برّاقة، حين تدعو إلى (حرية الهدم) وإلى (حرية الإِفساد) وتسمي ذلك (حرية الرأي)، وليوهم أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يكن يرعى حرمة للنساء ولا للشيوخ. ومثل ذلك أيضاً قوله: (وضُمَّت صفية - وهي فتاة يهودية في السابعة عشرة من عمرها كانت مخطوبة. لكنانة - إلى نساء النبي ص ٣٩).

<<  <   >  >>