للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فمثلُ هذه الألغام التي يدسها الرجل في ثنايا سطوره تترك أسوأ الأثر في نفوس القراء من الغربيين ومن ضعاف الإِيمان من المسلمين، والمنتحلين منهم للحضارة الغربية المتخلقين بها خاصة. شيخ جاوز الخمسين يتزوج فتاة في السابعة عشرة! وليس هذا فحسب. بل إنها كانت مخطوبة لرجل يهودي من بني جنسها فأضافها إلى نسائه العديدات! هل هذا تاريخ؟ أم أنه تشنيع في أخطر صوره, لأن صاحبه يتصنع الهدوء ويتظاهر بالاتزان والإِنصاف، ويخدع الناس بمثل كلامه عن براعة النبي في القيادة وفي شؤون الحكم وفي التنظيم الاجتماعي.

ومن أمثلة هذا الاسلوب الخبيث وصفه النبي صلوات الله وسلامه عليه بأنه كان (يُعنىَ بمظهرد الشخصي ويقضي في تلك العناية كثيراً من الوقت. فكان يتعطر ويكتحل ويصبغ شعره ويلبس خاتماً نقش عليه "مُحَمَّدْ رسول الله". وربما كان الغرض من هذا الخاتم هو توقيع الوثائق والرسائل. وكان صوته موسيقياً حلواً يأسر القلوب. وكان مرهف الحس إلى أقصى حد، لا يطيق الروائح الكريهة ولا صلصلة الأجراس والأصوات العالية. وكان قلقاً عصبي المزاج، يُرى أحياناً كاسف البال، ثم ينقلب فجأة مَرِحاً كثير الحديث - ص ٤٥). فهذا الأسلوب المسموم في التصوير إنما يريد أن يصور النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة المتصابي وفي صورة العصبي المزاج، المريض الأعصاب، المصاب بالصرع. ويؤكد هذا الصهيوني الهدام تلك الصورة المفتراة بعد ذلك بقوله: (وقد أعانه نشاطه وصحته على أداء واجبات الحب والحرب. ولكنه أخذ يضعف حين بلغ التاسعة والخمسين من عمره. وظن أن يهود خبير قد دسوا السم في اللحم قبل عام من ذلك الوقت (١)، فأصبح بعد ذلك الحين عرضة لحميات ونوبات غريبة. وتقول عائشة: إنه كان يخرج من بيته في ظلام الليل، ويزور القبور ويطلب المغفرة للأموات، ويدعو الله لهم جهرة، ويهنئهم على أنهم موتى. ولما بلغ الثالثة والستين من عمره اشتدت عليه الحمِّيات - ص ٤٦).


(١) تأمل حرص هذا الصهيوني على تبرئة اليهود من تهمة دس السم للنبي صلى الله عليه وسلم في الشاة إذ يقول: "وظن أن يهود خيبر".

<<  <   >  >>