وجاء في هذا الجزء من الكتاب أيضاً:(وهاجرت إلى المدينة مائتا أسرة من مكة فنشأت فيها من براء هذه الهجرة مشكلة الحصوك على ما يكفي أهلها من الطعام. وحل مُحَمَّدْ هذه المشكلة كما يحلها كل الأقوام الجياع بالحصول على الطعام أنَّى وجد. ومن ذلك أنه أمر أتباعه بالإِغارة على القوافل المارة بالمدينة - ص ٣٤). ويحاول المؤلف أن يلبس هذه الأكاذيب وهذا التشنيع المفتري ثوب العلم فيقول:(واجتمعت أسباب عدة عملت كلها على اتساع ملك العرب. فمهت الإسباب الاقتصادية أن ضعف الحكومة النظامية في القرن السابق لظهور النبي قد أدى إلى انهيار نظم الري في جزيرة العرب فضعفت من جراء ذلك غلاّت الأرض الزراعية وحاقت بالسكان المتزايدين أشد الأخطار. ولهذا فقد تكون الحاجة إلى أرض صالحة للزرع والرعي من العوامل التي دفعت جيوش المسلمين إلى الفتح والغزو - ص ٧١، ٧٢).
أترى إلى هذا الكلام المسموم الذي يصور المسلمين الأولين وعلى رأسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة عصابات اللصوص وقطّاع الطرق، والذي ينزل بدوافع الفتح النبيلة إلى أغراض مادية، فينقلب ذلك النفر الكريم من المجاهدين الأولين في نشر كلمة الله الذين لم يكونوا يبالون بحياتهم الدنيا في سبيل ما أعده الله لهم من ثواب الجهاد في نشر دينه، ينقلب ذلك النفر الكريم إلى جماعة من اللصوص وقطاع الطرق. لماذا تؤذي جامعة الدول العربية المسلمين والعرب بسماعه؟ لماذا تنفق على نقله إليهم من أموالهم، كأن مهمتها هي إسماعهم ما يكرهون وإحصاء ما قيل فيهم من الشتائم وإذاعته على الناس؟ إن الحكومات تمنع شعوبها من الاستماع إلى الدعايات التي تفتري عليهم والتي تثبط عزائمهم وتفرق كلمتهم، وتنفق في مقاومة مثل هذه الإذاعات الآلاف والملايين في بعض الأحيان. فهل دين الناس أقل قداسة وأهون مقاماً؟
لا يكفي في دفع ضرر هذا الكتاب وأمثاله أن تكلف الإِدارة الثقافية الدكتور الشيخ مُحَمَّدْ يوسف موسى بالتعليق على ما يراه مستحقاً للتعليق، فيعلق على بعضٍ ويهمل بعضاً, لأن السذّج والغافلين وقليلي الخبرة بتاريخ المسلمين - وليست لدينا وسيلة لمنع وصول الكتاب إلى أيديهم - إن قرءوا