فصيحةً سهلة التناول يستعملها الكبير والصغير, ويكون فيها الغناء في الحياة الاجتماعية في كافة مرافقها - ص ١٨١). وتصوُّر المسألة على هذا النحو خطأ كما سأبيّنه فيما بعد, لأنه غير ممكن ولا ميسور ولا هو مطلوب، ولأنه يخالف طبائع الأشياء.
ويكاد القارئ أن يطمئن إلى سلامة قصد لم. لكاتب رغم خطأ تصوُّره حين يظن أن هدفه هو القضاء على العامية. ولكنه لا يلبث أن يتبين أن هدفه - في حقيقة الأمر هو اختراع لغة عربية جديدة ونشرها بين الناس بكل وسائل النشر (فإِن لدينا اليوم من الوسائل الحديثة ما يضمن النجاح لمجهود يبذل في سبيل ترقية لغة التخاطب في البلاد العربية ويضمن البقاء والتقدم أيضاً لكل لغة عربية فصيحة يتواضع عليها، تستوعب مصطلحات للمستجد من آثار العلوم والفنون- ص ١٨٢). وهو يقترح تبسيط اللغة واختصارها. كما يقترح على جامعة الدول العربية (أن تعنى بوضع معجم يسمى معجم العامة، أو غير ذلك من الأسماء، يكتفي فيه بالمفردات التي يحتاج إليها في كافة مرافق الحياة، وتحشد فيه أوضاع جديدة للدلالة على مستحدثات العصر الفنية المتداولة. ثم يلجأ في تعميم هذه اللغة العربية الفصيحة العامة إلى كل الوسائل الكفيلة بتعميمها ابتداء من المدارس الليلية التي يُحمَل العمال والمشتغلون في النهار على غشيانها، وفي المدارس الابتدائية التي يتكفل القائمون فيها بتعليم الأطفال في كتب خاصة تقيَّد مؤلفوها بألفاظ هذه اللغة، وبتعويد هؤلاء الأطفال التحدث بالفصيح المقترح فضلاً عن القراءة. ص ١٨٣ - ١٨٤).
من الواضح أن هذا الرجل، يريد أن يخترع لغة فصيحة جديدة، ثم يدعو إلى تعميمها بتقييد مؤلفي الكتب الدرسية أن يكتبوا (بالفصيح المقترح)، أي أنه يلزمهم أن لا يستعملوا "الفصحى القديمة" التي يدعو إلى اختصارها واستبعاد غير المألوف من مفرداتها وإضافة ما يرى إضافته إليها. ولست أدري ما هو الحد الفاصل بين المألوف وغير المألوف في اعتباره؟ ومن هو الحكم في التمييز بينهما؟ هل هو الأمي الجاهل، أم هو المثقف من غير محترفي الأدب، أم هو الكاتب الممارس للكتابة في الصحف اليومية، أم هو