ذلك هو مجمل ما عرضه أصحاب ذلك المشكل الذي توهموه فابتدعوه، وزعموه ثم أوجدوه، بين العامية والفصحى.
أما الاقتراحات التي تدعو إلى مسخ قواعدنا في اللغة وفي النحو وفي الإِملاء والخط، فقد جاءت على لسان طه حسين، وصفيِّه إبراهيم مصطفى الذي صدع بوحيه حين ألف منذ عشرين عاماً كتاباً ميتاً في النحو سماه "إحياء النحو". ألقى طه حسين محاضرة دعا فيها إلى العدول عن قواعد النحو الثابتة المتدارسة التي اجتمع عليها العرب والمسلمون زاعمًا أنها لم تعد صالحة وأنها هي السبب في ضعف الطلاب وتخلفهم (٢٢٨ - ٢٤٠). وتقدم إبراهيم مصطفى باقتراحين، أحدهما في (كتابة الهمزة والألف اللينة: ص ١٦٠ - ١٦٥) دعا فيه إلى توحيد الصور الكتابية للهمزة، والآخر في (تيسير قواعد النحو: (ص ١٦٦ - ١٧١) مهد به لاقتراحات تيسير النحو والصرف: (ص ١٧٢ - ١٨٠) المقدمة باسم مجمع القاهرة والتي تحمل طابع إبراهيم مصطفى المعروف في (إحياء النحو)، الذي دعا فيه إلى تبويب جديد للنحو من ابتكاره. وقد سحب إبراهيم مصطفى اقتراح الهمزة قبل أن ينظر في جلسة المؤتمر العامة، ويبدو أنه لم يجد الظرف مهيأ لقبوله فخشي أن يتخذ قرارٌ برفضه وآثر أن يدع الباب مفتوحاً حتى يستطيع هو أو آخرُ من عصابته العودة إلى ذلك في فرصة أكثر ملاءمة. أما مقترحات تيسير النحو فقد قرر المؤتمر في شأنها أنه (نظر في مقترحات تيسير النحو التي أعدتها وزارة التربية والتعليم في مصر فوجد بعد دراستها أنها تحتاج إلى زيادة في البحث والتمحيص، وقرر تاجيل النظر فيها إلى مؤتمر آخر: (ص ٢٧٨). وقد كنت أرجو أن يقضي فيها المؤتمر قضاءاً حاسمًا صريحاً يقرر فيه فسادها وضررها, لأن هذا القرار الذي يظهر فيه نفوذ دعاة الهدم والتبديل لم يمنع القائمين على برامج التدريس في مصر من أن يضعوا هذه المقترحات الفاسدة موضع التنفيذ.
وبعد، فقد شغل هؤلاء المحاضرون والقترحون بمشاكلهم الوهمية ما يقرب من نصف وقت المؤتمر (١). على أن أكثر ما جاء في مقالاتهم بضاعة
(١) استغرقت محاضراتهم واقتراحاتهم تسعاً وتسعين صفحة من سجل المؤتمر الذي يزيد قليلاً عن مائتي صفحة.