زعم رئيف أبو اللمع الأمين العام المساعد للشؤون الثقافية في مقدمة الكتاب (أن على اللغة أن تساير المجاري المتدفقة المسرعة من تحوير وتبديل وتعديل وتجديد، فإِذا لم تتبع اللغة العربية سُنَّةَ النشوء والارتقاء فقدت عناصر الحياة - ص ٢). وزعم الزيات عضو مجمع القاهرة أن إزالة السد القائم بين الفصحى والعامية سيقضي على (مساوئ الفصحى أو عُنْجُهِيَّتها فتموت كما يموت الحوشى المهجور من كل لغة - ص ٨٥)، والواقع أن هذا التطور الذي يتحدث عنه الأمين على ثقافة العرب حادث فعلاً، وهو يحدث كل يوم، ولكنه يحدث من تلقاء نفسه ولا تحُشد له المؤتمرات لتصطنعه.
والتطور على كل حال ينبغي أن يكون بالقدر الذي لا يقطع صلتنا بالماضي، وبالقدر الذي لا يُخشَى معه أن يتطور إلى قطع صلة الأجيال المقبلة بالجيل الماضي أيضاً بحيث يتحول قرآننا وحديثُ نبينا وفقهُ فقهائنا إلى طلسم لا يقرؤه إلا طبقة من الكهان يحتكرون تفسير الإِسلام. هذا التطور واقع، لأن حاجات الحياة تدفع إليه، فالناس مضطرون إلى التعبير عن أنفسهم وعن الحياة في مختلف نواحيها: في أدبهم وفي صحفهم وفي إذاعاتهم التي تحكي ما يجري في الحرب والسلم، وفي قصصهم وفي كتبهم العلمية التي تضطر إلى استحداث الألفاظ لما يُستحدث من آلات أو أدوات أو متاع، ومن كشوف جديدة أو حقائق أو نظريات. والمهم في ذلك كله هو أن يحرص العرب على استعمال لغتهم العربية في كل هذه الميادين، كما دعا إلى ذلك بحق وإخلاص عارف النكدي عضو الوفد السوري (ص ٨٩ - ١٠٤) وكما انتهى إليه المؤتمر في توصياته (ص ٢٧٨)، فتحرص الإِذاعات والصحف ومنابر العلم بعامةٍ والجامعات بخاصة والقضاءُ والمؤتمرات على اللغة الفصحى. هذا هو السبيل الطبيعي للتطور، وما عداه فهو وسائل صناعية لا تؤدي إلا إلى البلبلة، وهي جَعْجَعة بلا طحن. أما ما زعمه عضو مجمع القاهرة من موت الحوشي وتصفية اللغة وتنقيتها فهو لا يتوقف على تفاعل الفصحى مع العامية كما يزعمه. فالحوشي يموت بطبعه كما يذهب كل باطلٍ وكل ثقيل وكل مستهجن غير صالح, لأن الأدباء والشعراء والعلماء ينفرون من استعماله. وهؤلاء هم في الحقيقة - بما وُهبوا من ذوق - صُنَّاعُ اللغة. وهم الذين يقومون بمهمة