في تبويب النحو وتدوينه من جديد. وكان ذلك كله كلاماً في كلام. فإِذا بنا الآن أمام هذه المشاريع جميعاً منفذة في كتب القوصي وشركاه المشهورة بكتب "شرشر" أو "جلاجلا"، وفي كتب النحو الجديد التي يتولى إبراهيم مصطفى توجيهها. ولم يثنهم عن عزمهم ما قرره مؤتمر مجامع اللغة العربية - الأول في دمشق من أن مشاريعهم تحتاج إلى مزيد من الدرس والمراجعة والتمحيص، بل لقد استصدر قسم اللغة العربية في إحدى كليات الآداب منذ ثلاث سنوات قراراً بإِنشاء شعبة سماها "شعبة الدراسات العربية الحديثة"، أخلى الدراسة فيها من النحو والصرف والبلاغة ومن الشعر العربي ونصوص الفصحى ومن الأدب العربي والتاريخ الإِسلامي ومن القرآن والحديث، وجعل مكان ذلك كله "دراسات لغوية حديثة" و "التطور اللغوي العربي في العصر الحديث" و "اللهجات العربية الحديثة" و "الأدب الشعبي" و "المذاهب الكبرى في الآداب الأوروبية" و "مدارس القصة" و "تطوير الفكر الإِسلامي في العصر الحديث".
وكان أعداء الإِسلام من عمال الاستعباد والتبشير وسماسرة الصهيونية الهدامة يشنعون بجمود علماء الشريعة الإِسلامية أو من يسمونهم خطأ (رجال الدين الإِسلامي)، وينددون بتخلف الأزهر عن ركب الحياة بزعمهم. فإِذا بنا نفاجأ بأحد أعضاء (لجنة التربية الدينية) بوزارة التربية والتعليم يقترح إنشاء شعبة للدراسات الإِسلامية في كليات الآداب لتخريج مدرس الدين الإِسلامي المرن الذي يستطيع أن يساير الزمن.
هذه بعض أمثلة تصور الأسلوب الجديد الذي يعتمد على (الغزو من الداخل) - إن جاز لي أن أستعير تعبير المستر دالاس - الذي لم يعد أصحابه يقتنعون بالدعاية وباجتذاب الأنصار والاستكثار منهم عن طريق الإِقناع أو الإِغراء أو الإِرهاب. إنهم يعتمدون في أسلوبهم الجديد على أفراد عصابتهم الذين نجحوا في التسلل إلى مراكز القيادة، فأصبح في استطاعتهم أن يجعلوا من أوهامهم التي لم ينجحواً في إقناع الناس بها حقيقة واقعة بقرار أو بجرَّة قلم كما يقولون. ولأوضح بعض ما في كلامي السابق في إجمال.