كُتُب (القراءة الجديدة) المتداولة في الاقليم المصري (*)، التي وضعتها لجنة تعمل بتوجيه عبد العزيز القوصي وسعيد العريان تعتمد على أسلوب جديد لا يمكن أن نصفه بأنه عربي مهما اجتهد أصحابه في تبريره، بما يزعمونه من أن كلماته التي تبدو من عامية مصر يمكن أن تجد سَنَدَاً من معاجم اللغة يصلها بإِحدى لهجات العرب. هذه الكتب لا تتجنب الفصيح الذي أجمع عليه العرب والمسلمون لغرابته أو لثقله، لكنها تتعمد إهماله لأنها تريد أن تهمله وأن تجعل استعمال لهجة الأسواق في الكتب المدرسية أمراً واقعاً مقرراً. وهم يعلمون حق العلم أن هذه الكلمات الملتقطة من أسواق مصر وطرقاتها - مهما جاءوا بأشجار للأنساب تثبت عروبتها - ليست عامة في بلاد العرب جميعاً. فهي مجهولة في بعضها وهي مستعملة بمعنى آخر في بعض آخر, لأن الفصحى التي تجمع العرب بل المسلمين اليوم هي فصحى قريش بخاصة التي نزل بها القرآن والتي دُوِّن بها الحديث والفقه والأدب وكل ما أثمرته الحضارة العربية والِإسلامية من علوم وفنون، وهي أفصح لهجات العرب وأسلمها دون نزاع، فرضتها صلاحيتها ونشرتها قبل أن ينزل بها القرآن، فكان العرب على اختلاف قبائلهم يكتبون شعرهم بها. ولا يستعملون لهجات قبائلهم إلَّا في ضرب من ضروب الأدب المحلي المُسِفّ الذي يقرب مما يسميه بعض الناس اليوم الأدب الشعبي، وهو الرجز. فهذه الكتب الجديدة التي يراد بها تقرير لغة جديدة للتدوين، وإحقاق باطل فشل أصحابه في إقناع الناس به رغم ما بذلوا له من دعاية طوال نصف قرن أو يزيد، تريد في ضحى القومية العربية أن ترد العرب إلى ما قبل الجاهلية.
على أن الكلمات السوقية (الملتقطة من أسواق مصر وطرقاتها) التي يُصر القوصي والعريان وشركاؤهما على استعمالها لها ما يقابلها من الفصيح المستعمل المأنوس. بل إنهم يعدلون في أكثر الأحيان عن الفصيح السمح الجميل إلى السوقي السَّمِج الثقيل، في مثل:(العسكري، حَلَّقَ عليه جـ٢ ص ٢٩)(حَطَّت اللحم في الحلة ٢: ٣٨)(مبسوط ٢: ٤٠)(شاف ٢: ٥٠)(زيطة ١: ٦٠)(استغرب ٢: ٧٢)(زعلان ٣: ١٠)(ابن الحلال ٣: ١١)
(*) ألغيت هذه الكتب من بعد، بعد أن ثبت فشلها وخطرها.