الفرقة الموكلة بهدم تراثنا وقطع كل صلة تربطنا به. فهم لا يهدمون لأن الهدم هو وسيلتهم إلى البناء من جديد كما يزعمون، ولكنهم يهدمون في حقيقة الأمر لأن الهدم هو هددفم وغايتهم. وهم بهذا الهدم يمهدون الأرض ويسوونها لبناء جديد ولكنه للأجنبي لا لنا، ويمحون كل ما في صحفنا لتصبح صحفاً بيضاء يسطرون فيها أو يسطر فيها الذين يسخرِّونهم لما يعملون من بُعد ما يشاءون. نعم أصحاب القواعد الجديدة شعبة من هذه الفرقة. وقواعدهم الجديدة ليست إلَّا أسلوباً في الهدم.
زعم أصحاب القواعد الجديدة أن قواعد النحو التي صنعها اثنا عشر قرناً سخيفة معقدة. وزعم لهم صاحبهم أنه سيلخص لهم هذه القواعد في كلمات، فقسم الكلام إلا مسند ومسند إليه وتكملة، وسمى كلامه هذا تيسيراً. والوصف الصحيح له أنه تعقيد, لأن الاصطلاحات المتداولة - ولا أقول القديمة - أدق إلى عقل الناشىء وتصوره. ومن الذي يخطئ في فهم مدلول كلمة "فعل" و "فاعل"؟ إن الأمي الجاهل الساذج الذي لا حظً له من الثقافة النحوية يستعمل هذه الكلمات بمدلولاتها النحوية في حديثه اليومي المألوف. الخفير والشرطي يسأل: من (الفاعل)؟ ويقول: قُبِض على (الفاعل)، يقول:(الفاعل معلوم) أو (الفاعل مجهول). والفلاح في حقله يقول: ذا (فعل) الكرام وذا (فعل) اللئام، ويسأل: ما (الخبر)؟ هذه هي المصطلحات التي استبدلوا بها (المسند) و (المسند إليه)، فسموا الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ مسنداً إليه، وسموا الفعل والخبر مسنداً. وإدراك معنى هاتين الكلمتين يحتاج إلى تصور الإِسناد، وهو فكرة عقلية لا يمكن بحال أن توصف بأنها أقرب إلى أفهام الصبية من المصطلحات الجارية المتداولة. فإِذا كان المقصود هو التبسيط والتيسير حقاً كما يزعمون فلا شك أن الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر أقرب إلى عقول الصبية في هذه السنن وأيسر تصوراً وأسلس نطقاً وأخف وقعاً في الألسن وفي الآذان من المسند والمسند إليه.
على أن أصحاب التيسير المزعوم قد احتاجوا بعد ذلك إلى تفصيل المنصوبات وتبيينها, ولم يروا إطلاق اسم (التكملة) عليها جميعاً وافياً بالغرض، لم فتكلموا عن (التكملة بالزمان) و (التكملة بالمكان) و (التكملة بالحال) و (التكملة بالمفعول). ففي الذي بسَّطوه؟ وأي شيء صنعوه سوى أنهم أضافوا