كلمة (التكملة) فعقدوا الاصطلاح وصعبوه وطولوه بدل أن ييسروه ويختصروه؟.
ثم إنهم بعد أن تحاشوا اصطلاح (الفعل) و (الفاعل) لغير سبب واضح أو مبرر معقول احتاجوا للكلام عن (المفعول). ألم يكن بناء (المفعول) على (الفعل) و (الفاعل) أيسر في العقل وأقوم في الترتيب وأنسق في التسلسل من بنائه على (السند)(والمسند إليه)؟.
وقد يحتج أصحاب التيسير المزعوم لصنيعهم بأن البلاغيين وأصحابَ علم المعاني على الخصوص، قد اتخذوا هذا التقسيم واستعملوا بعض هذه المصطلحات. ومن المعروف المشهور أن الاصطلاحات تختلف باختلاف العلوم والفنون، وأنها تتبع احتياجاتها وتَصدُرُ عن طبيعة كل منها وعما يهدف إليه وما يريد أن يؤديه من غرض. وطبيعةُ النحو وهدفهُ يختلف عن طبيعة علم المعاني وهدفه. فالنحو هَمُّهُ ضبطُ أواخر الكلمات وتفصيلُ ذلك على ما يقوم في ذهن المتكلم من تصور، بحيث يكون هذا الضبط وسيلة لتصوير المعنى بحسب اصطلاح أصحاب هذه اللغة وما جرى عليه عُرْفُهم. أما علم المعاني فهو يتناول الأسلوب ولا شأن له بالمفردات. وهدفه هو أن يكون الكلام ترجماناً دقيقاً صادقاً في نقل تصور المتكلم بكل ما يشتمل عليه وما يحف به من أحاسيس ومن ملابسات ومن ظلال إلى نفس السامع. فهو مرحلة تالية لمرحلة النحو الذي يتعلق غرضه بالصحة والفساد، بينما يتعلق غرض المعاني بفرق ما بين الصحيح والبليغ، والدقيق والأدق. لذلك كان اصطلاح البلاغيين على تقسيم الكلام إلى مسند ومسند إليه وفضلة لا يجدي شيئاً في إفادة ضبط أواخر الكلمات ومطابقته للمعنى بحسب ما جرى عليه عرف العرب. فالمسند إليه مثلاً لا يفيد الرفع على ما يزعمه أصحاب التيسير. وهم يعرفون ذلك كما يعرفه الناس. ولذلك احتاجوا في كتابهم الذي حيرَّ المعلمين والتلاميذ على السواء إلى أن يتكلموا عن كان وأخواتها وإن وأخواتها، وعلى ذلك أصبح كل من المسند والمسند إليه يقبل الرفع والنصب. ولم يستغنوا عن أن يقولوا إن المسند قد يكون فعلاً وقد يكون اسمًا. ولم يستغنوا حين تكلموا عن المطابقة بين المسند والمسند إليه في الإِفراد والجمع عن أن يستثنوا من ذلك الجمل التي يكون المسند فيها فعلاً متقدماً. فهل هذا تيسير أم تعقيد؟