للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يختلف في كل مجموعة عنه في المجموعة الأخرى، وليرى كذلك أن علامات التعريف التي تقابل (ال) في عربيتنا تتبع الاسم الذي تلحقه في إعرابه، وتختلف مع ذلك باختلاف نوعه بين مذكر ومؤنث وجماد، مما لا سبيل إلى تمييز بعضه من بعض بغير السماع، وليرى أن الاسم النكرة تسبقه أيضاً أداة تخضع لكل هذه التقلبات السابقة، وهي أداة لا وجود لها في عربيتنا، إلى آخر ما هنالك مما أكتفي بالإِشارة إليه ولا أُحصيه.

ولست أظن أن طه حسين قد غفل عن شيء من ذلك، أو هو على الأقل لم يغفل عما يقابل ما قدمتُه من أمثلة في الفعل الفرنسي، حين قدَّم تقريره المشهور إلى وزير المعارف سنة ١٩٣٥ م، فألقاه الوزير في سلة المهملات، وطلب منه ألَّا يعيد الحديث فيه حين حاول أن يفاتحه فيه مَرَّةً من المرات، وذلك حسب رواية طه حسين نفسه. ولا بأس من أن أنقل فقرة من ذلك التقرير، ليعرف القارئ من أين جاء (التيسير). زعم طه حسين في تقريره ذاك أن: "الناس مجمعون على أن تعلم اللغة العربية وآدابها في حاجة شديدة إلى الإِصلاح". ورد نفور الطلبة من الدراسات العربية إلى "أن اللغة العربية وما يتصل بها من العلوم والفنون ما زال قديماً في جوهره بأدق معاني هذه الكلمة. فالنحو والصرف والأدب تُعلَّم الآن كما كانت تُعلَّم منذ ألف سنة .. ولست أزعم أن الأمر يقضي بإِحداث ثورة عنيفة على القديم، وتغيير العلوم اللغوية والأدبية فجأة وفي شيء يشبه الطفرة، وإنما أزعم أن قد آن الوقت الذي يجب فيه أن نؤمن بأن العلوم اللسانية، كغيرها من العلوم، يجب أن تتطور وتنمو وتلائم عقول المعلمين والمتعلمين وبيئتهم التي يعيشون فيها وحاجاتهم التي يُدفَعون إليها، ومتى آمنا بذلك فإِن التطور سيأتي وسيتحقق شيئاً فشيئاً، ولكن لا بد أن تمهَّد له الطريق. وهنا يظهر السبب الثاني الذي أشرت إليه آنفاً، وهو أن معلم اللغة العربية الذي يستطيِع أن ينهض بتعليمها كما ينبغي لم يوجد بعد، فإِن القديم لا ينتج إلَّا قديماً مثله ما دام التطور لم يمسَّه- الفقرة ٤٢ من كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" ص ٢٨٨ - ٢٨٩ من طبعة العارف سنة ١٩٤٤".

ولم يمض على هذا التقرير الذي أسقطه الوزير يومذاك وأهمله سوى

<<  <   >  >>