٦ - ويقوم الطالب بدراسات لغوية حديثة، مع العناية بالنحو المقارن والأصوات اللغوية.
هذه هي مواد الدراسة في الشعبة (الحديثة)، منقولةً عن المذكرة التفسيرية الملحقة بالجداول حرفاً بحرف (ص ٩٧ من تقويم الكلية السابق ذكره). وهي تخلو خلواً تاماً - كما ترى - من درس واحد في النحو أو الصرف أو البلاغة أو القرآن أو الدراسات الإِسلامية أو الأدب العربي السابق على الحملة الفرنسية. ويترتب على هذه الظاهرة الخطيرة أمران خطيران: أولهما عدم صلاحية التخرج في هذه الشعبة لتدريس اللغة العربية التي يجهل نحوها وصرفها وأدبها وبلاغتها. ليس هذا فحسب، بل إنه سيكون حرباً على العربية ومِعْول هدمٍ يعمل فيها, لأنه إذا سئل عن شيء مما يجهده غطى جهله بالتهكم بالعربية وقواعدها وأساليبها. وسيكون من آثار ذلك أن ينشأ جيل من الناس لا يقيم العربية ولا يتذوقها. فإِذا نعق ناعق من بَعْدُ بأن إعراب أواخر الكلمات لا داعي له، وبأن عربية القرون الأولى لغة ميتة لا وجود لها في الحياة، فسوف يجد هذا الناعق لصوته صدًى في عقول ذلك الجيل من الضحايا الذين ألقاهم سوء حظهم بين أيدي هؤلاء المعلمين.
هذه واحدة، أما الأخرى فهي أن هذه البرامج تهدد الدراسات العربية التي يريد المنهج أن يسميها (كلاسيكية) , لأن بقاءها يصبح مرهوناً بأهواء الشباب، الذي قد تستهويه هذه البدعة، فينصرف عن دراسة لغة القرآن ولغة الآباء والأجداد ولغة العرب الجامعة لشتاتهم إلى هذه الدراسات، التي تحاول أن تربط حاضرنا ومستقبلنا الأدبي بالغرب، في الوقت الذي تقرن فيه تراثنا الأدبي الحيّ العريق بالآداب الساميَّة الميتة. آداب السريانية والعبرية. إذ تجعلها جميعاً في شعبة واحدة هي (شعبة الدراسات العربية والشرقية القديمة).