الصورة الركيكة. ولذلك تجاوزه مؤرخو الأدب واعتبروا أنه دون المستوى الذي يسمح بدخوله في تاريخ الأدب العربي، وتركوه في موضعه الصحيح لعامة الناس والغوغاء، الذين لا تسمح لهم ثقافاتهم بتذوق الأدب الرفيع. وظل الأمر كذلك حتى جاء هذا الجيل الذي يريد أن يمسخ صورة كل ما هو أصيل في تراثنا، يُعلي من قدر الركاكة وفساد العبارة باسم الشعبية والأدب الشعبي، ويحاول أن يفتش عن مواطن للجمال في هذه القصص والحكايات المتدنية أسلوباً ومضموناً، تقليداً لما فعله الغرب في تشنيعه بالشرق والشرقيين والإِسلام والمسلمين، حين ألّف طائفة من القصص مستوحاة من (ألف ليلة وليلة) تصور ترفهم وتفاهتهم وتهالكهم على الشهوات، وفسادَ أخلاقهم واستبداد ملوكهم ونفاق شعوبهم.
بقي أن أردَّ على بعض ما أثاره الداعون إلى إنشاء هذه الدراسات في قسم اللغة العربية بجامعة الرياض حين اجتمعت بهم.
سلَّموا بأن هذه الدراسات قد نشأت نشأة فاسدة في حضانة الاستعمار، ولكنهم زعموا أن الدعوة قد ماتت وزال خطرها، وأنهم يريدون توجيه هذه الدراسات لخدمة الفصحى. والزعم بأن الدعوة قد ماتت غير صحيح، وخُفوت صوت الداعين إليها ليس مظهراً لموتها, ولكنه في الحقيقة مظهر لاستقرارها. فقد ظلت تسري وتحتل كل يوم أرضاً جديدة وتتقلّب في زحفها من القصة إلى المسرح وإلى السينما وإلى وسائل الإِعلام كلها من صحافة وإذاعة، وإلى منابر المحافل على اختلافها، وإلى قاعات المحاضرات في الجامعات، حتى أعلنت الصحف عن ظهور مجلة يُصدرها أحد اللبنانيين (سعيد عقل) تحرَّر بالعامية مطبوعةً بحروف لاتينية.
ثم إن الناس في كل البلاد العربية يشكون من ضعف المتخرجين في أقسام اللغة العربية وفساد ألسنتهم وانخفاض مستواهم، ومن الواضح أن تقويم اللسان لا يجيء إلَّا بممارسة النصوص الصحيحة. فهل تُعين نصوص (الآداب الشعبية) العقيمة التىِ يشيع فيها اللحن وفساد اللغة وركاكة العبارة على تقويم اللسان؟ من الواضح أن ضعف الملكة العربية يعالج بالمزيد من